تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع الاحتمالات وغرائب اللغات فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالة كما قدمناه وقد كذبوا على طريقة السلف وضلوا في تصويب طريقة الخلف فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف وكيف يكون الخلف أعلم بالله وأسمائه وصفاته وأحكم في باب ذاته وآياته من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان من أهل العلم والإيمان الذين هم أعلام الهدى ومصابيح الدجى فنسأل الله أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذا هدانا وأن يهب لنا ولإخواننا المسلمين من لدنه رحمة وإنه هو الوهاب

وإنما ذكرنا هذا في أثناء كلام أبي الحسن الأشعري لأن أهل التأويل اليوم الذين أخذوا بطريقة الخلف ينتسبون إلى عقيدة الأشاعرة فيظن من علم عنده أن هذا التأويل طريقة أبي الحسن الأشعري هو رضي الله عنه قد صرح بأنه على طريقة السلف وأنكر على من تأول النصوص كما هو مذهب الخلف وذكر أن التأويل مذهب المعتزلة والجهمية

التحفة المدنية [جزء 1 - صفحة 167]

وكثير منهم يحكي القولين فيذكر مذهب السلف ومذهب الخلف ثم يقول مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم فصدق في قوله مذهب السلف أسلم وكذب وافترى في قوله ومذهب الخلف أعلم وأحكم بل مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم كما تقدم تقريره

مجموع الفتاوى [جزء 5 - صفحة 8]

ولا يجوز أيضا أن يكون الخالفون أعلم من السالفين كما قد يقوله بعض الاغبياء ممن لم يقدر قدر السلف بل ولا عرف الله ورسوله والمؤمنين به حقيقة المعرفة المأمور بها من أن طريقة السلف اسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم وان كانت هذه العبارة اذا صدرت من بعض العلماء قد يعنى بها معنى صحيحا

فإن هؤلاء المبتدعين الذين يفضلون طريقة الخلف من المتفلسفة ومن حذا حذوهم على طريقة السلف انما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هى مجرد الايمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب الا أمانى وان طريقة الخلف هى إستخراج معانى النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات

فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالة التى مضمونها نبذ الاسلام وراء الظهر وقد كذبوا على طريقة السلف وضلوا فى تصويب طريقة الخلف فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف فى الكذب عليهم وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف

وسبب ذلك اعتقادهم أنه ليس فى نفس الأمر صفة دلت عليها هذه النصوص بالشبهات الفاسدة التى شاركوا فيها اخوانهم من الكافرين فلما اعتقدوا انتفاء الصفات فى نفس الأمر وكان مع ذلك لابد للنصوص من معنى بقوا مترددين بين الايمان باللفظ وتفويض المعنى وهى التى يسمونها طريقة السلف وبين صرف اللفظ الى معان بنوع تكلف وهى التى يسمونها طريقة الخلف فصار هذا الباطل مركبا من فساد العقل والكفر بالسمع فان النفى انما اعتمدوا فيه على أمور عقلية ظنوها بينات وهى شبهات والسمع حرفوا فيه الكلم عن مواضعه

فلما ابتنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكفريتين الكاذبتين كانت النتيجة إستجهال السابقين الأولين واستبلاههم واعتقاد أنهم كانوا قوما أميين بمنزلة الصالحين من العامة لم يتبحروا فى حقائق العلم بالله ولم يتفطنوا لدقائق العلم الالهى وأن الخلف الفضلاء حازوا قصب السبق فى هذا كله

ثم هذا القول اذا تدبره الإنسان وجده فى غاية الجهالة بل فى غاية الضلالة كيف يكون هؤلاء المتأخرون لا سيما والاشارة بالخلف الى ضرب من المتكلمين الذين كثر فى باب الدين اضطرابهم وغلظ عن معرفة الله حجابهم وأخبر الواقف على نهاية أقدامهم بما انتهى إليه أمرهم حيث يقول ... لعمرى لقد طفت المعاهد كلها ... وسيرت طرفى بين تلك العالم ... فلم أر إلا واضعا كف حائر ... على ذقن أو قارعا سن نادم ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير