تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقواعد المقررة تقضي باتباع واستصحاب الأصل، لهذا المسلم نستصحب أصلَه -كما سيأتي- فلا نشهد عليه بشرك ولا كفر ولا نفاق إذا مات، كذلك نستصحب الأصل في من مات على الكفر من النصارى واليهود والوثنيين وأشباه هؤلاء.

ومن أهل العلم من أدخل الحكم على المعين الذي ورد في هذه الجملة، أدخل الحكم على المعين الكفار بأنواعهم فقال: حتى الكافر لا نشهد عليه إذا مات لأننا لا ندري لعله أسلم قبل ذلك. وهذا خلاف الصواب وخلاف ما قرره أهل التوحيد وأئمة الإسلام في عقائدهم، فإن كلامهم كان مقيدا بمن مات من أهل القبلة، أما من لم يكن من أهل القبلة فلا يدخل في هذا الكلام.

المسألة الثانية أو المبحث الثاني: ذكرنا لك أن أصل هذه العقيدة تعظيم صفات الله جل وعلا وعدم الخوض في الأمور الغيبية، والعلماء في إعمال هذا الأصل في هذه المسألة لهم أقوال:

القول الأول: من قال: لا أشهد لأحد ولا على أحد مطلقا، وإنما نشهد للوصف للجنس دون المعين، فنقول: المؤمن في الجنة، والظالم في النار، والمؤمن المسدد في الجنة، ومرتكب الكبيرة متوعد بالنار، ونحو ذلك من ذكر الجنس والنوع دون ذكر المعين، إعمالا منهم للأصل الذي ذكرنا، وأن الحكم للخاتمة أمر غيبي لا ندري هل حصل الختام بالتوحيد أم لا.

والقول الثاني: وهو قول جمهور أهل العلم وأئمة أهل الحديث والسنة والأثر أنَّ هذه المسألة غيبية فمجالها ومدارها على قاعدة الأمور الغيبية أنّه يقتفى فيها الدليل دون تجاوز للقرآن والحديث، فلا ينزّل أحد جنة ولا نار إلا من أنزله الله جل وعلا جنة أو أنزله النار بدليل من الكتاب أو من السنة، وسواء في هذا النوع الوصف الجنس أو المعين. فجاءت الشهادة لأبي بكر (بأنه من أهل الجنة في القرآن، وجاءت الشهادة لأهل البيت بأنهم مطهرون أيضا بالقرآن منهم علي (وفاطمة وزوجات النبي عليه الصلاة والسلام الذين قال الله جل وعلا فيهم ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا? [الأحزاب:33] ونحو ذلك، وجاء في السنة الشهادة على معينين من الصحابة بأنهم في الجنة كما في العشرة المبشرين بالجنة: الخلفاء الأربعة، وطلحة بن عبيد الله، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وسعد بن أبي وقاس، وسعيد بن زيد إلى آخره، وكذلك الشهادة لبلال (، ونحو ذلك ممن جاء في الحديث أنه من أهل الجنة، وكذلك من شُهد عليه بالنار ممن هو منتسب إلى القبلة لِما جاء في السنة فإننا نشهد عليه بالنار.

وهذا القول هو المراد بكلام الطحاوي هذا وهو قول جمهور أهل الحديث والسنة.

أما القول الثالث: فهو مثل القول الثاني؛ لكنه زاد عليه بأنّ الشهادة المستفيضة للإنسان من أهل القبلة بأنه من أهل الجنة أو أنه من أهل الوعيد فإنه يُشهد للمعين أو يشهد عليه بالشهادة المستفيضة، وهذا جاء رواية عن الإمام أحمد وعن غيره من الأئمة واختارها الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية رحمهم الله تعالى، وقال: دلت السنة على هذا الأصل فإن النبي (مُرّ عليه بجنازة فأثني عليها خيرا فقال «وجبت»، ثم مُرّ بجنازة أخرى فأثنى الصحابة عليها شرا، فقال «وجبت»، قالوا يا رسول الله ما وجبت؟ قال «تلك أثنيتم عليها خيرا فوجبت لها الجنة، وهذه أثنيتم عليها شرا فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في أرضه»، وأيضا جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار» قالوا وكيف ذلك يا رسول الله قال «بالثناء الحسن وبالثناء السيئ»، فيدخل في هذا القول المعروفون الذين شُهد لهم بقدم الصدق من صحابة رسول الله (، وكذلك من شهد له من أئمة الإسلام بهذا المقام كالإمام مالك مثلا والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم ونحوهم من أئمة الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير