[تباريح من على باب الخلاء]
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 09 - 06, 12:29 م]ـ
كان ذلك منذ أيام قلائل،وقد عمدت يومها إلى دور الخلاء الملحقة بالجامع الأزهر،ولا أدري ماالذي جعلني أيمم وجه تجاه ذلك الكنيف الذي يقع في نهاية قاعة دور الخلاء ...
دخلت وقمت بإنهاء مهمتي الجليلة في هذا المكان ومددت يدي إلى مزلاج الباب لأفتحه فإذا أنا بمناظرة علمية ساخنة أبى أصحابها إلا أن يتخذوا من جدار الباب الداخلي للخلاء مسرحا لمناظرتهم العلمية ....
وكان الطرف الأول في هذه المناظرة سنيا سلفيا على مايبدو، وقد اختار لعرض حججه قلما أزرق الحبر وابتدأ كتابه من أعلى أواسط صفحة الباب منحدرا إلى الأسفل قائلا: ((احذروا من التصوف الذي أصبح يدرس في الأزهر واحذروا من الصوفية المشركين [بياض بالأصل] ذلك التصوف الذي أهله إن لم يعذروا بجهلهم فهم إما كافر أو زنديق ... واحذروا من الصوفي علي جمعة وتلاميذه المتصوفة وعليكم بأهل العلم اقرأوا لابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وابن باز والعثيمين والفوزان والجبرين الذين لا يخافون على كراسيهم .... )). ويبدوا أن كلامه قد استفز أزهريا صوفيا فاختار الحبر الأحمر لقلمه وكتب حاشية ساخنة على الكلام السابق وإليكم مضمونها:
((التصوف يدرس ويشرح في جامعات العالم شرقا وغربا وأنت تروج لدعوتك في دورات المياة أهنئك على تدقيقك في اختيار المكان المناسب لها و اللائق بها وليس كل من شدا شيئا من العلم أو تقممه يصبح يسمى عالما تعلم العلم يا أخي وانظر ممن تأخذه ولتكفف قلمك عن الإساءة وعن اتهام الناس بالشرك هكذا بكل سهولة الأمة تواجه قضايا تتهددها في وجودها فضلا عن قضايا المعاصرة والحداثة والجاليات الإسلامية في البلاد الأجنبية شرقا وغربا وانظر يمينا وشمالا في بلاد الأمة المختلفة لير ما تتعرض له الأمة وأنت تتعرض لقضايا قتلت بحثا من مئات السنين وفيها كتب وأنت تطلق الأحكام كل سهولة: هذا مشرك وهذا كافر ألأفق يا أخي من غفوتكم وانظر ما يهددنا حتى في بيوتنا واجتهد في تنزيل أحكام فقهية على مستجدات العصر اجتهادا منك ومن علماءك الذين تثق فيهم بأنهم كانوا على علم هذا ما تحتاجه أمتك وكفانا تكفيرا وتشتيتا
من قال لك أنهم لا يخافون على كراسيهم؟
إنهم يخافون عليها وعلى مرتباتهم الكبيرة ويبطنون التصوف إلا على خاصتهم وفي مجالسهم الخاصة جدا ويروجون لدعوتهم ويجاهرون بها .... أفق يا أخي ثم الشرك الذي يدرس في الأزهر كما تزعم ولم يكتشفه ولم ينتبه إليه الفطاحل على مر القرون وهم يدرسونه اكتشفته أنت فجاة ماهذا الاكتشاف العجيب جدير بك إن تخرج باكتشافك إلى النور وإلى مجالس العلم وقاعات الدرس وتناقشه هناك بدلا من دورات المياة أفق يا أخي فأنت في الأزهر موئل العلم ومثابة العلماء فلا تجلب التمر إلى هجر فضلا عن الحشف الذي أنت جالبه يا مكتشف يا عالم يا فطحل)).
وبهذا انتهت المناظرة التي لايبدو أنها أدت إلى تراجع أحد الطرفين عن رأيه ....
والحق ان هذه المناظرة قد أدتني إلى تحريك النظر فيما استجد في الشارع المصري خلال الأعوام الخمسة الأخيرة ... من أحداث لا أدري سبب اجتماعها وترادفها واتصال نتائجها حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه ولولا الملامة لتقمصت شخصية وليم كار ....
لقد كانت ضربة البداية فيما أرى هي توقيف نفر من الدعاة القاهريين المعروفين بعمق التأثير ودقة الفهم والزكانة والقدرة على استيعاب الواقع السلفي وما يحق به من أخطار وقد تم توقيفهم إثر المنطاحنات المعروفة مع الشيخ أسامة القوصي واللذي حُجم نشاطه هو الآخر في تلك الفترة ........
ولم يكن الصف الثاني الذي بدأ في الظهور وقتها على مستوى الصف الأول،فكانوا جميعا ضعيفي الخطاب العقدي والفكري بل والعلمي الأصيل .... مع انقسامهم إلى الأصناف التي ستذكر عند الحديث عن دعاة الأقاليم ...
فإذا يممت وجهك تجاه الثغر والعاصمة الثانية الإسكندرية،وجدتا فيها ثلة من الدعاة الذين لا يقلون أبدا عن أترابهم الذين منعوا في القاهرة ... ولا أبالغ لو قلت أنه لولا الخطاب العقدي الفكري اذي لايزال مبثوثا من هناك لكانت الصورة أشد قتامة ...
ولايخدش في دورهم ويحجم من تأثيرهم سوى أمور لم تعد سرا بل فاحت رائحتها وبدأ باقي دعاة مصر في اتخاذ مواقف حاسمة منها ....
لم يبق سوى دعاة الأقاليم وهم ثلاثة أصناف:
الأول: من غلب عليه الخطاب السلوكي مقترنا بالتقليل من أهمية الخطاب العقدي والفكري.
الثاني: من انحصرت همته في أبواب من العلم لا شأن لها بالاعتقاد والواقع والفكر المعاصر ..
الثالث: من كان له خطاب فكري أعرج ضعيف التواصل مع سيرة السلف ومنهج أهل السنة الاعتقادي ...
وكان يمكننا تقبل هذا الانقسام ونقول: كل على ثغر لو كان هناك من يقوم بالكفاية في حراسة أهم الثغور ...
أما على الجانب الآخر فمن قبل أن يتولى المجرم الآثم علي جمعة منصب الافتاء وهو يحشد أجناد البدعة سعيا وراء استئصال المنهج السلفي وتقرير الأشعرية البغيضة والتصوف الشركي في مصر ...
وبعد أن ازدادت سلطاته بتوليه الإفتاء زاد خطره فكان أول الغيث كتابه البيان لما يشغل الأذهان)) وقد حُشي قسم الاعتقاد منه بالتمشعر والشرك والتصوف وقد أفرد هذا القسم من الكتاب وطبع في كتيب صغير يوزع بالآلاف.
تلى هذا اجتماع أئمة البدعة في مؤتمر لمواجهة التطرف راينا فيه أنه تم صك تعريف جديد للتطرف يختلف عن تعريف أمن الدولة فقد عرف ضيوف المؤتمر التطرف بكل مايرادف لبفظة سلفي.
ومن نتائج المؤتمر إعقامة دورة علمية بالأزهر يدرس فيها مشايخ التمشعر والتصوف كتب العلم ومنها الخريدة البهية في العقيدة الأشعرية وبجوارها الفقه والحديث ةوينتج عنها إجاة من نور الدين علي بن جمعة ليكون كل ذلك أحبولة لصيد الشباب السلفي في ظزل غياب الخطاب العقدي الفكري الناضج القادر على مواجهة هذا المد الآثم ...
وللحديث بقية ..
¥