و يشهد على ذلك ما أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم " يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس , فيقولون: فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم؟ (وفي رواية لمسلم من رأى) فيقولون نعم: فيفتح لهم , ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم , فيفتح لهم , ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم؟ فيقولون: نعم , فيفتح لهم ".
قال الحافظ بن حجر في الفتح (6\ 89) " يفتح للصحابة لفضلهم ثم للتابعين لفضلهم ثم لتابيعهم لفضلهم "
(9) و الصحابة هم أمان هذه الأمة فلما ذهبوا فتحت الفتن على الأمة حتى تقوم الساعة
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي بردة عن أبيه (2531) قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ثم قلنا لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء , قال: فجلسنا فخرج علينا فقال: " ما زلتم ههنا " , قلنا: يا رسول الله , صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء , قال " أحسنتم: أو أصبتم " قال: فرفع رأسه إلى السماء , وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء فقال " النجوم أمنة السماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد , وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون , و أصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد "
قال الإمام مسلم في التعليق على قوله صلى الله عليه و سلم " و أصحابي أمنة لأمتي ": معناه من ظهور البدع و الحوادث في الدين و الفتن فيه و طلوع قرن الشيطان , و ظهور الروم و غيرهم عليهم , وانتهاك المدينة و مكة و غير ذلك , وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه و آله و سلم.ا. هـ.
وقد جاء في الحديث الذي أخرج بن أبي شيبة و حسنه الحافظ بن حجر في الفتح (7\ 5) عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم " لا تزالون بخير مادام فيكم من رآني و صاحبني , والله لا تزالون بخير مادام فيكم من رآني و صاحب من صاحبني ".
ولقد انخرم و فني قرن الصحابة رضي الله عنهم , و الدليل على ذلك ما أخرج البخاري و غيره من حديث عبد الله بن عمر قال: صلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم صلاة العشاء في آخر حياته , فلما سلم قام النبي صلى الله عليه و آله و سلم فقال " أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد " فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إلى ما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة , و إنما قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم " لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض " يريد بذلك أنها تخرم ذلك القرن.
قال الحافظ في الفتح (2\ 75): قوله (عن مائة سنة) لأن بعضهم كان يقول: إن الساعة تقوم عندما تقضي مائة سنة , كما روى ذلك الطبراني و غيره من حديث أبي مسعود البدري , ورد ذلك عليه على بن أبي طالب و قد بين بن عمر مراد النبي صلى الله عليه و آله و سلم في هذا الحديث. وأن مراده أن عند انقضاء مائة سنة من مقالته تلك ينخرم ذلك القرن , فلا يبقى أحد ممن كان موجودا حال تلك المقالة , و كذلك وقع بالاستقراء فكان آخر من ضبط أمره ممن كان موجودا حينئذ أبو الطفيل عامر بن واثلة , و قد أجمع أهل الحديث على أنه كان آخر الصحابة موتا و غاية ما قيل فيه أنه بقي إلى سنة عشر و مائة , وهي رأس مائة سنة من مقالة النبي صلى الله عليه وسلم , والله أعلم.ا. هـ
(10) و يحرم سب الصحابة رضوان الله عليهم
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم " لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم و لا نصيفه ".
و المدّ , هو مقدار ما يملأ الكفين , و المعنى , أنك لو تصدقت بذهب في حجم جبل أحد فإنه لا يساوي تصدق صحابي واحد بمدّ واحد من طعام و لا حتى نصف المدّ هذا.
¥