قال النووي في شرح مسلم (و اعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات , سواء من لابس الفتن منهم و غيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون .. ثم قال , قال القاضي: و سب أحدهم من المعاصي الكبائر و مذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر و لا يقتل , وقال بعض المالكية يقتل.
وكذا قال بن حجر و غيره رحمهم الله أجمعين.
وسيأتي مزيد من البيان لذلك حين الكلام عن مناقب الصحابة رضوان الله عليهم.
(11) ومن شهد له الصحابة بالجنة أو بالنار فقد وجبت له أيهما
أخرج البخاري و مسلم في صحيحيهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال وجبت فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما وجبت قال هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض.
قال الحافظ بن حجر (قوله: (أنتم شهداء الله في الأرض)
أي المخاطبون بذلك من الصحابة ومن كان على صفتهم من الإيمان. وحكى ابن التين أن ذلك مخصوص بالصحابة لأنهم كانوا ينطقون بالحكمة بخلاف من بعدهم. قال. والصواب أن ذلك يختص بالثقات والمتقين انتهى.).
(12) ومن أغضب الصحابة رضي الله عنهم فقد أغضب الله عز وجل
فقد أخرج مسلم في صحيحه عن عائذ بن عمرو: أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها قال فقال أبو بكر أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك فأتاهم أبو بكر فقال يا إخوتاه أغضبتكم قالوا لا يغفر الله لك يا أخي.
والشاهد من هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه و آله و سلم " لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك".وهذه منقبة عالية جدا , أن ينالها الصحابة رضوان الله عليهم فتخيل أن من أغضبهم فإنه يغضب الله عز وجل .. فما بالك بمن يسبهم و يلعنهم ليلا نهارا , ماذا سيكون حال هذا مع الله جل و علا؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) فضيلة من شهد بدرا
من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه , الذي أخرجه البخاري و مسلم , قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أبا مرثد و الزبير و كلّنا فارس , قال: " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ , فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين " فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: الكتاب , فقالت: ما معنا كتاب , فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا , فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم , لتخرجن الكتاب أو لنجردنّك لما رأت الجد أهوت إلى حجزتها و هي محتجزة بكساء , فأخرجته فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم , فقال عمر: يا رسول الله قد خان الله و رسوله و المؤمنين فدعني فلأضرب عنقه , فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم " ما حملك على ما صنعت؟ " قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله و رسوله صلى الله عليه و آله و سلم , أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي و مالي , و ليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله و ماله , فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم " صدق و لا تقولوا له إلا خيرا " فقال عمر: إنه قد خان الله و المؤمنين فلأضرب عنقه. فقال " أليس من أهل بدر " فقال " لعل الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة , أو فقد غفرت لكم ," فدمعت عينا عمر , و قال: الله و رسوله أعلم.
والشاهد من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم " لعل الله اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة , أو فقد غفرت لكم ,"
ومعلوم أن ممن شهد بدرا أبو بكر و عمر و علي , ولعثمان الأجر مثلهم و إن لم يشهدها كما سبق و بينا.
¥