تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك و لكنك استبددت علينا بالأمر و كنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم نصيبا (أي من ميراث رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم) , حتتى فاضت عينا أبي بكر , فلما تكلم ابو بكر قال: و الذي نفسي بيده , لقرابة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي , و أما الذي شجر بيني و بينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير , و لم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم يصنعه فيها إلا صنعته , فقال علي لأبي بكر: موعدك العشية للبيعة , فلما صلى أبو بكر الظهر رقى على المنبر فتشهد , وذكر شأن علي و تخلفه عن البيعة , وعذره بالذي اعتذر إليه , ثم استغفر , وتشهد علي فعظّم حق أبي بكر و حدّث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة (حسدا) على أبي بكر , ولا انكارا للذي فضّله الله به , ولكنّا نرى أن لنا في هذا الأمر نصيبا , فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا , فسرّ بذلك المسلمون و قالوا: أصبت , وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر بالمعروف.

تنبيه: ما بين القوسين من تعليق الحافظ بن حجر.

قال الحافظ بن كثير في البداية و النهاية (5\ 218) " و قال الحافظ أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الحافظ الاسفراييني حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة و ابن ابراهيم ابن أبي طالب. قالا , حدثنا ميدار بن يسار و حدثنا أبو هشام المخزومي حدثنا وهيب حدثنا داود بن أبي هند حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري. قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة و فيهم أبو بكر و عمر قال فقام خطيب الأنصار فقال: أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم كان من المهاجرين وخليفته من المهاجرين , و نحن كنا أنصار رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم و نحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره. قال , فقال عمر بن الخطاب: صدق قائلكم! أما لو قلتم على غير هذا لم نبايعكم , وأخذ بيد أبي بكر. وقال هذا صاحبكم فبايعوه , فبايعه عمر و بايعه المهاجرون و الأنصار. قال: فصعد أبو بكر المنبر فنظر في وجوه القوم فلم ير الزبير , قال: فدعا بالزبير فجاء فقال: ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم و حواريه أردت أن تشق عصا المسلمين فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقام فبايعه. ثم نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فدعا بعلي بن أبي طالب فجاء. فقال: قلت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه على ابنته أردت أن تشق عصا المسلمين. قال لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعه. هذا أو معناه. و قال أبو علي الحافظ سمعت محمد ابن اسحاق بن خزيمة يقول: جائني مسلم بن الحجاج (الإمام مسلم صاحب صحيح مسلم) فسألني عن هذا الحديث فكتبته له في رقعة و قرأته عليه , وهذا حديث يسوي بدنة بل يسوي بدرة. " (قال الحافظ بن كثير, وهذا اسناد صحيح محفوظ من حديث أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري) ا. هـ.

قال الحافظ في الفتح نقلا عن القرطبي (7\ 704) قال القرطبي: من تأمل ما دار بين أبو بكر و علي من المعاتبة و ما تضمن ذلك من الإنصاف عرف أن بعضهم كان يعترف بفضل الآخر , و أن قلوبهم كان متفقة على الاحترام و المحبة , و إن كان الطبع البشري قد يغلب أحيانا لكن الديانة ترد ذلك و الله الموفق. و قد تمسك الرافضة بتأخر علي عن بيعة أبي بكر إلى أن ماتت فاطمة و هذيانهم في ذلك مشهور , وفي هذا الحديث ما يدفع حجتهم , وقد صحح ابن حبان و غيره من حديث أبي سعيد الخدري و غيره أن عليا بايع أبي بكر في أول الأمر. و أما ما وقع في مسلم عن الزهري أن رجلا قال له لم يبايع عليا أبا بكر حتى ماتت فاطمة , قال: لا , ولا أحد من بني هاشم. فقد ضعفه البيهقي بأن الزهري لم يسنده , و أن الرواية الموصوله عن أبي سعيد أصح , وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة الأولى لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث كما تقدم. و على هذا فيحمل قول الزهري لم يبايعه علي في تلك الأيام على إرادة الملازمة له و الحضور عنده و ما أشبه ذلك , فإن في انقطاع مثله عن مثله ما يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته فأطلق من أطلق ذلك , و بسبب ذلك أظهر علي المبايعة التي بعد موت فاطمة عليها السلام لإزالة هذه الشبهة.ا. هـ.

قلت (محمود) وهذا كلام نفيس جدا و راجح و سديد , ويؤيد القول بالبيعة الثانية أنها سنة في الإسلام غير مخالفة خاصة إذا دعت حاجة لذلك , والدليل على ذلك ما أخرجه البخاري (7208) عن سلمة قال: بايعنا النبي صلى الله عليه و سلم تحت الشجرة فقال لي " يا سلمة ألا تبايع " قلت: يا رسول الله قد بايعت في الأول , قال " وفي الثاني ". . فلا حرج أن يبايع علي رضي الله عنه أبا بكر مرتين ليزيل أي شبهة قد يفهمها البعض من أنه معترض على الخلافة أو شيء من هذا القبيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير