وقال الحافظ بن حجر في الفتح (ج5 ص 200) " و ذكر ابن الطلاع في الأقضية النبوية أن أبا بكر أفتك الدرع بعد النبي صلى الله عليه و آله وسلم , لكن روى بن سعد عن جابر (أن أبا بكر قضى عدات النبي صلى الله عليه وسلم و أن عليا قضى ديونه) , و روى اسحاق بن راهويه في مسنده عن الشعبي مرسلا أن ابا بكر أفتك الدرع و سلمها لعلي بن أبي طالب , و أما من أجاب بأنه صلى الله عليه و سلم أفتكها قبل موته فمعارض بحديث عائشة رضي الله عنها " ا. هـ.
قلت (محمود) وقد ثبت في الصحيحين أن أبا بكر هو من قضى دين رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم كما سبق بيانه , أما عن رواية بن سعد في الطبقات فقال: أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال قضى علي بن أبي طالب دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى أبو بكر عداته .. عبد الله بن محمد بن عمر , قال الحافظ في التقريب (مقبول) ومعنى مقبول عنده أنه يتابع و إلا فلين , وهو لم يتابع هنا , وعلى أي حال فما في الصحيحين غنى عن ذلك و فيها التصريح بأن أبا بكر قضى عدات النبي صلى الله عليه و آله وسلم و ديونه معا فيدخل في ذلك الدرع و غيره و لا شك.
هذا و قد أخرج الإمام أحمد (4\ 165) عن حبشي بن جنادة السلولي , وكان قد شهد حجة الوداع , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني و أنا منه و لا يؤدي عني إلا أنا أو علي.
وهذا إن صحّ , (أنظر الصحيح المسند من فضائل الصحابة للعدوي ص 120) , فلا ينفي كون علي رضي الله عنه قد أدّى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم , فربما أدّى علي أشياء و أدّى أبو بكر أشياء أخر عن النبي صلى الله عليه و سلم , فلا تعارض بين هذا و بين حديث جابر المتقدم , و يشهد لذلك ما أخرجه بن سعد أن علي قضى دين رسول الله صلى الله عليه و سلم و قضى أبو بكر عدّاته.
فعلى أي حال يكون دين رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وفّي و لله الحمد و الفضل.
(3) ماذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم؟
أخرج البخاري في صحيحه (4461) عن عمرو بن الحارث قال: ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم دينارا و لا درهما , و لا عبدا و لا أمة , إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها , وسلاحه , و أرضا جعلها لابن السبيل صدقة.
وفي رواية " و أرضا بخيبر جعلها صدقة ".
أخرج البخاري في صحيحه (3092) عن عائشة قالت: و كانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم من خيبر و فدك و صدقته بالمدينة
(4) قول النبي صلى الله عليه و آله لا نورث ما تركنا صدقة
أخرج البخاري (3096) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم " لا يقتسم ورثتي دينارا , ما تركت بعد نفقة نسائي و مئونة عاملي فهو صدقة "
و أخرج البخاري (6730) عن عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه و آله وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن فقالت عائشة: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم " لا نورّث ما تركنا صدقة ".
(5) مطالبة فاطمة عليها السلام وأزواج النبي صلى الله عليه و آله و سلم بميراثهم من أبي بكر الصديق وبيان أن الصديق كان على حق وأنه ما ترك النفقة على من كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعوله
أخرج البخاري في صحيحه (3092) عن عروة بن الزبير , أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن فاطمة عليها السلام ابنة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم أن يقسم لها ميراثها , مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه , فقال لها أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا نورّث ما تركنا صدقة " فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبا بكر , فلم تزل مهاجرته حتى توفيت , وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر , قالت: و كانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم من خيبر و فدك و صدقته بالمدينة , فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال: لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم يعمل به إلا عملت به , فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ ,
¥