تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه الأسطورة مغلفة بشيء من التقية، فلم يفصح عن اسم بني فلان، ولا المشار إليه بقوله فيها، ولم يوضح شيخهم المجلسي ذلك كعادته، وقد يشيرون بذلك إلى الخلافة، وببني فلان إلى أولاد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فهم دائمًا حولها يدندنون كقولهم "أولاد الحسن يحملهم الحسد وطلب الدنيا في الإنكار" [أصول الكافي: 1/ 305 - 306.].

والمقصود أن مصحف فاطمة أداة عندهم لاستطلاع ما يحدث في هذه الكون، ولو كان شيء من ذلك لتغير وجه التاريخ .. ولما حصل للأئمة ما حصل مما تصوره كتب الشيعة من المحن، ولما غاب منتظرهم واختفى خوفًا من القتل، ولما كان للتقية أدنى حاجة، إذ بمعرفة أسباب وقوع المكروه يتقون المكروه، وبمعرفة أسباب المرغوب والمحبوب يفوزون بالمحبوب.

فإن زعموا أنهم لا قدرة لهم على تغيير شيء من ذلك فهم إذن كسائر الناس يجري فيها قدر الله، وعلمهم بما يحدث يزيدهم حزنًا لا يؤنسهم ويزيل وحشتهم – كما تزعم روايتهم – ما دام أنهم لا حيلة لهم في التغيير.

وإذا كانت هذه الروايات تجعل موضوع مصحف فاطمة هو "علم ما يكون" .. فإن حديثًا آخر من أحاديثهم – يقول كما يروي ثقة الإسلام عندهم -: إن أبا عبد الله قال عن مصحف فاطمة: "ما أزعم أن فيه قرآنًا، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش" [أصول الكافي: 1/ 240.].

فهذا النص يجعل من مصحف فاطمة بالإضافة إلى علم ما يكون، علم الحدود والديات، ففيه حتى أرش الخدش، بل فيه التشريع كله فلا يحتاج فيه الأئمة معه إلى أحد، فهي يعني هذا أنهم لا يحتاجون إلى كتاب الله، وأنهم استغنوا عن شريعة القرآن بمصحف فاطمة فلهم دينهم ولأمة الإسلام دينها؟!

وهل التشريع الإسلامي العظيم لم يكمل بكتاب الله وسنة رسوله ليحتاج بعد ذلك إلى مصحف فاطمة، أو أن مصحف فاطمة يغني عن الجميع؟!

إن المغزى من هذه النصوص واضح، فإعطاء الأئمة علم ما يكون من إضفاء لصفة الألوهية عليهم بمنحهم ما هو من خصائص الإله "وهو علم الغيب"، وجعل مصحف فاطمة يحوي علم الحدود والديات هو اتهام "مبطن" بقصور التشريع الإسلامي.

ثم عندهم رواية أخرى تقول: إن علم التشريع موجود في الجامعة لا في مصحف فاطمة، يقولون: "إن عندنا لصحيفة يقال لها الجامعة ما من حلال ولا حرام إلا وهو فيها حتى أرش الخدش" [بحار الأنوار: 26/ 23، عن بصائر الدرجات: ص390.]، وكذا في صحيفة عندهم تسمى صحيفة الحدود فيها من الحدود "ثلث جلدة من تعدى ذلك كان عليه حدّ جلدة" [بحار الأنوار: 26/ 19 - 20، عن بصائر الدرجات: ص38.].

أما علم ما يكون فهو الآخر قالوا بأن وسيلته غير مصحف فاطمة؛ لأنه في الجفر، وخلق أعظم من جبرائيل وميكائيل [بحار الأنوار: 26/ 19، أمالي ابن الطوسي: ص260] .. إلخ حتى قاالوا: "ما ينقلب طائر في الهواء إلا وعندنا فيه علم" [بحار الأنوار: 26/ 19، عيون أخبار الرضا: ص200.].

ثم رجعوا وقالوا: إن العلم كله إنما يؤخذ من كتاب الله، كقوله روايتهم بأن أبا عبد الله قال: "إني أعلم ما في السماوات وما في الأرض، وأعلم ما في الجنة، وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون". قال (الراوي): ثم مكث هنيهة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال: "علمت ذلك من كتاب الله عز وجل، إن الله عز وجل يقول: فيه تبيان كل شيء" [مضى تخريجه من كتب الشيعة، والتعليق عليه ص (136).].

وقد مضى ما نقله بعض شيوخهم المعاصرين من القول بإيمان الشيعة بسلامة كتاب الله، لأنه قوبل على مصحف فاطمة [انظر: ص (267).]. ولكن قال شيخهم الآخر الخنيزي: إن مصحف فاطمة غير القرآن وعلى ذلك تدل نصوصهم [الخنيزي/ الدعوة الإسلامية: 1/ 47.].

أقوال وروايات يكذب بعضه الآخر، ولا يخجلون من ذلك لأن دينهم التقية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير