وفي كتاب "دلائل الإمامة" وهو من كتبهم المعتمدة عندهم [قال عالمهم المجلسي عن الكتاب "دلائل الإمامة": من الكتب المعتبرة المشهورة، أخذ منه جملة من تأخر عنه كالسيد ابن طاووس وغيره .. ومؤلفه من ثقات رواتنا الإمامية (محمد بن جرير بن رستم الطبري) وليس هو ابن جرير صاحب التاريخ المخالف (المجلسي/ البحار 1/ 39 - 40) وقالت مقدمة الكتاب: "وهذا الكتاب لم يزل مصدرًا من مصادر الشيعة في الإمامة والحديث تركن إليه وتعتمد عليه في أجيالها المتعاقبة منذ تأليف إلى وقتنا الحاضر" (من مقدمة الكتاب: ص5).] ترد رواية تصف هذا المصحف المزعوم بأن فيه "خبر ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وفيه خبر سماء سماء، وعدد ما السماوات من الملائكة وغير ذلك، وعدد كل من خلق الله مرسلاً وغير مرسل، وأسماءهم، وأسماء من أرسل إليهم، وأسماء من كذب ومن أجاب، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين، وصفة كل من كذب، وصفة القرون الأولى وقصصهم، ومن ولي من الطواغيت ومدة ملكهم وعددهم، وأسماء الأئمة وصفتهم وما يملك كل واحد واحد ...
فيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم، وصفة أهل الجنة وعدد من يدخلها، وعدد من يدخل النار، وأسماء هؤلاء وهؤلاء، وفيه علم القرآن كما أنزل، وعلم التوراة كما أنزلت، وعلم الإنجيل كما أنزل، وعلم الزبور، وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد" [محمد بن جرير بن رستم الطبري/ دلائل النبوة: ص27 - 28.].
هذه المواضيع كلها في "ورقتين من أوله" [محمد بن جرير بن رستم الطبري/ دلائل النبوة: ص27 - 28.]. يقول الراوي: "إن إمامهم قال: وما وصفت لك بعد ما في الورقة الثالثة ولا تكلمت بحرف منه" [محمد بن جرير بن رستم الطبري/ دلائل النبوة: ص27 - 28.].
وما ندري بأي حجم يكون هذا "الورق"؟! كما لا ندري لماذا لم يستفد أئمتهم من هذه العلوم في سبيل استرداد الإمامة التي حرموها – كما تزعم الشيعة –؟
ولماذا لا يخرج منتظرهم من سردابه، وكيف يخاف القتل – كما يعللون سر اختفائه – فيظل مختفيًا – وكل هذه العلوم عنده؟!
وتصف رواية "دلائل الإمامة" صفة نزول هذا المصحف على خلاف ما جاء في الرواية السالفة عن الكافي من أن عليًا كتب ما سمعه من الملك حتى أثبت بذلك مصحفًا، تقول رواية "الدلائل" إنه نزل جملة واحدة من السماء بواسطة ثلاثة من الملائكة وهم "جبرائيل وإسرافيل وميكائيل… فهبطوا به وهي قائمة تصلي، فلما زالوا قيامًا حتى قعدت، ولما فرغت من صلاتها سلموا عليها وقالوا: السلام يقرئك السلام، ووضعوا المصحف في حجرها" [محمد بن جرير بن رستم الطبري/ دلائل النبوة: ص27 - 28.].
فقالت: لله السلام ومنه السلام وإليه السلام وعليكم يا رسل الله السلام، ثم عرجوا إلى السماء فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرؤه حتى أتت على آخره "ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة.
قلت: جعلت فداك فلمن صار ذلك المصحف بعد مضيها؟
قال: دفعته إلى أمير المؤمنين، فلما مضى صار إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا الأمر ... " [محمد بن جرير بن رستم الطبري/ دلائل النبوة: ص27 - 28.].
هذا بعض ما جاء في كتبهم عن مصحف فاطمة المزعوم، وهو يبين أن لفاطمة مصحفًا نزل عليها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه علم الغيب وعلم الحدود والديات وغيرها مما سلف ذكره، وأنه اليوم عند إمامهم الغائب! وهو وحي كالقرآن، إلا أنه مثله ثلاث مرات ما فيه من قرآننا حرف واحد، فهل نزل هذا المصحف ليكمل القرآن؟!
هذا ومثل هذا المصحف المزعوم "مصاحف كثيرة" تدعي الشيعة فيها ما يشبه دعواها حول مصحف فاطمة، وهذا موضوع واسع يحتاج إلى بحث مستقل، ولذلك سنذكر فيما يلي بعض أسماء هذه المصاحف وشيئًا مما يعرّف بها وندع التفصيل والتحليل.
ب ـ كتاب أنزل على الرسول قبل أن يأتيه الموت – كما يزعمون -:
¥