تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال تعالى: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا، أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا، أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً، أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً ? [الإسراء، آية: 90 - 93.].

وقال سبحانه: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} [الأنعام، آية: 7.].

فالذين طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم صحيفة مكتوبة من السماء هم الكفار وأهل الكتاب .. فلم يجابوا ..

فأراد الكليني وأمثاله ممن أشاع هذه الفرية أن يصوروا خير أمة أخرجت للناس بأنهم أشد كفرًا من اليهود والذين كفروا؛ لأنهم أنزل عليهم كتب من السماء فلم يؤمنوا أي لم يعرفوا الأئمة الاثني عشر.

والآية صريحة في بطلان ما يدعي هؤلاء الروافض، إذ لو كان شيء من دعاوي الشيعة واقعًا لأشارت إليه الآيات، ولم تنكر على هؤلاء دعواهم، أو لقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم: دونكم ما نزل على فاطمة، أو ما نزل عليّ، أو ما سينزل على الأئمة، ولكن شيئًا من ذلك لم يحدث فما أجرأ هؤلاء على الكذب المكشوف.

ولماذا تنقل الأمة القرآن والسنة .. وتترك هذه الكتب المزعومة لينفرد بنقلها هؤلاء؟ ولا يعرف أحد من الأمة ولا علماء التاريخ، ولا أهل الأديان شيئًا عن أمر هذه "الكتب"؟ وكيف تختلف الشيعة في أمر تعيين الإمام إلى عشرات الفرق وعندها هذه الصحف المنزلة؟

وقد وقفت على نص عندهم جاء في الكافي، يناقض هذه الدعوى وهو عن أبي عبد الله – الذي يفترون عليه كل تلك الافتراءات – قال: "إن الله عز ذكره ختم بنبيكم النبيين فلا نبي بعده أبدًا، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبدًا، وأنزل فيه تبيان كل شيء وخلقكم وخلق السماوات والأرض ونبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم وأمر الجنة والنار وما أنتم صائرون إليه" [صحيح الكافي: 1/ 31، أو أصول الكافي: 1/ 269، وانظر: مفتاح الكتب الأربعة: 8/ 64 - 65.] وهذا نص لا يحتاج إلى تعليق فهو يكذب كل هذه الدعاوى وينفي وقوعها نفيًا قاطعًا.

وفي حديث آخر عندهم قال الرضا: "شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا تنسخ إلى يوم القيامة، فمن ادعى بعده نبوة، أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه" [بحار الأنوار: 79/ 221، و11/ 34 - 35، وعزاه إلى علل الشرائع لابن بابويه.].

ونحن هنا نخاطبهم بعقليتهم وإلا فإن هذه المقالة يكفي في معرفة فسادها مجرد عرضها، وإن إجماع الأمة قائم على أنه لا كتاب إلا كتاب الله سبحانه، وكل من ادعى أنه عنده كتاب إلهي فهو كاذب زنديق.

وما الحاجة لنزول هذه الكتب والله سبحانه يقول: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل، آية: 89.]، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: آية: 9.].

وأين هذه المصاحف والصحف اليوم، وهل لها من أثر، وما فائدة خزنها عند المنتظر .. ولكن يبدو أن منهدسي بناء التشيع وضعوا أمثال هذه الروايات خوفًا من أن يفقد المذهب أتباعه لعدم وجود ما يشهد له من كتاب الله. كما كان لهم هدف أبعد من ذلك وهو الكيد للأمة ودينها، والأخذ بالشيعة بعيدًا عن المسلمين لتستقل بكتبها عن كتاب الله.

ومن الغريب أن من شيوخ الشيعة القدامى والمعاصرين من أنكر ما ينسب لمذهب الشيعة الاثني عشرية من القول بالتحريف، وعدّ رواياتهم وإن كثرت من قبيل الأساطير التي تسربت للمذهب ... ولكن لم يقفوا نفس الموقف – في حدود اطلاعي – من هذه الفرية التي تولى كبر إشاعتها الكليني وأضرابه، فقد أغمض عنها شيوخ الشيعة، وهي قد لا تقل خطورة عن "الدعوى" الأولى بل إن ابن بابويه، والطبرسي وهما ممن أنكر "أسطورة التحريف" قد شاركا في إشاعة هذه "الضلالة" ... فهل لأن الأولى عرفها المسلمون عن الشيعة، والأخرى كانت غير معروفة؟!

وهذه الدعوة تتضمن أمورًا في غاية الخطورة منها: أن الوحي لم ينقطع والنبوة لم تختم، وأن الأئمة بمنزلة الأنبياء أو أعظم، فهم تنزل عليهم الكتب المتعددة من السماء، وهذا ما لم يتحقق للرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها تضليل الصحابة والأمة جميعًا بأنها ردت الكتب المنزلة.

وهذه الدعوى إحدى المعالم الواضحة على أن هذا المذهب قد ابتلي بشرذمة من الكذابين الذين لا يتورعون عن أي كذب، فهم كذبوا على رسول الله بوضع الأحاديث، وكذبوا على الله سبحانه بوضع هذه "الكتب"!!

وإنما يفتري الكذب على الله الذين لا يؤمنون.

انتهى كلامه

والسلام عليكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير