تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله في هذا أن الأحوال تختلف بحسب حال العبد الرائي، وكل ما كان الرائي من أصلح الناس وأقربهم إلى الخير كانت رؤيته أقرب إلى الصواب والصحة، لكن على غير الكيفية التي يراها، أو الصفة التي يراها؛ لأن الأصل الأصيل أن الله لا يشبهه شيء سبحانه وتعالى.

ويمكن أن يسمع صوتا ويقال له كذا وافعل كذا، ولكن ليس هناك صورة مشخصة يراها تشبه شيئا من المخلوقات؛ لأنه سبحانه ليس له شبيه ولا مثيل سبحانه وتعالى، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى ربه في المنام، من حديث معاذ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى ربه، وجاء في عدة طرق أنه رأى ربه، وأنه سبحانه وتعالى وضع يده بين كتفيه حتى وجد بردها بين ثدييه، وقد ألف في ذلك الحافظ ابن رجب رسالة سماها: اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى، وهذا يدل على أن الأنبياء قد يرون ربهم في النوم، فأما رؤية الرب في الدنيا بالعيان فلا.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن يرى أحد ربه حتى يموت، أخرجه مسلم في صحيحه. ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك قال: ((رأيت نورا) وفي لفظ: ((نور أنى أراه)) رواهما مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن ذلك فأخبرت أنه لا يراه أحد في الدنيا؛ لأن رؤية الله في الجنة هي أعلى نعيم المؤمنين، فهي لا تحصل إلا لأهل الجنة ولأهل الإيمان في الدار الآخرة، وهكذا المؤمنون في موقف يوم القيامة، والدنيا دار الابتلاء والامتحان ودار الخبيثين والطيبين، فهي مشتركة فليست محلا للرؤية؛ لأن الرؤية أعظم نعيم للرائي فادخرها الله لعباده المؤمنين في دار الكرامة وفي يوم القيامة، وأما الرؤيا في النوم التي يدعيها الكثير من الناس فهي تختلف بحسب الرائي - كما قال شيخ الإسلام رحمه الله - بحسب صلاحهم وتقواهم؛ وقد يخيل لبعض الناس أنه رأى ربه وليس كذلك، فإن الشيطان قد يخيل لهم ويوهمهم أنه ربهم، كما روي أنه تخيل لعبد القادر الجيلاني على عرش فوق الماء، وقال أنا ربك وقد وضعت عنك التكاليف، فقال الشيخ عبد القادر: اخسأ يا عدو الله لست بربي؛ لأن أوامر ربي لا تسقط عن المكلفين، أو كما قال رحمه الله، والمقصود أن رؤية الله عز وجل يقظة لا تحصل في الدنيا لأحد من الناس حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما تقدم في حديث أبي ذر، وكما دل على ذلك قوله سبحانه لموسى عليه الصلاة والسلام لما سأل ربه الرؤية قال له: {لَنْ تَرَانِي} [2] الآية، لكن قد تحصل الرؤية في المنام للأنبياء وبعض الصالحين على وجه لا يشبه فيها سبحانه الخلق، كما تقدم في حديث معاذ رضي الله عنه، وإذا أمره بشيء يخالف الشرع فهذا علامة أنه لم ير ربه وإنما رأى شيطانا، فلو رآه وقال له: لا تصل قد أسقطت عنك التكاليف، أو قال: ما عليك زكاة أو ما عليك صوم رمضان، أو ما عليك بر والديك أو قال: لا حرج عليك في أن تأكل الربا ... فهذه كلها وأشباهها علامات على أنه رأى شيطانا وليس ربه. أما عن رؤية الإمام أحمد لربه لا أعرف صحتها، وقد قيل: إنه رأى ربه، ولكني لا أعلم صحة ذلك.


[1] سورة الشورى الآية 11.
[2] سورة الأعراف الآية 143.

المصدر:
مجموع فتاوى و مقالات ابن باز الجزء السادس

ـ[زياد عوض]ــــــــ[26 - 05 - 07, 03:59 م]ـ
ومن شرح العلَامة ابن جبرين "للوصية الكبرى" لشيخ الإسلام

أدلة من قال برؤية الله تعالى في الدنيا يقظة والرد عليهم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: وكذلك ما روى بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل من حراء تبدى له ربه على كرسي بين السماء والأرض غلط باتفاق أهل العلم، بل الذي في الصحاح أن الذي تبدى له الملك الذي جاءه بحراء في أول مرة وقال له: اقرأ. فقلت: لست بقارئ. فأخذني فغطني حتى بلغ منه الجهد ثم أرسلني فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ فهذا أول ما نزل على النبي صلى الله
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير