إذا احتج القدري بهذا الحديث, فكيف يُرد؟؟.
ـ[غيث أحمد]ــــــــ[30 - 10 - 06, 11:57 م]ـ
3409 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِى أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» مَرَّتَيْنِ.
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[31 - 10 - 06, 06:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أولا لعلك تقصد أخي لو احتج به الجبرية لأن الحديث لا يتوافق مع مذهب القدرية ولذلك رد هذا الحديث كثير من المعتزلة كأبي علي الجبائي ومن وافقه.
ثانيا: هذه المسألة قديمة وقد أجاب عنها أهل العلم بأجوبة ذكرها ابن القيم وغيره:
الجواب الأول: إنما حجه لأن آدم أبوه فحجه كما يحج الرجل ابنه وهذا الكلام لا محصل فيه البتة فإن حجة الله يجب المصير إليها مع الأب كانت أو الابن والعبد أو السيد ولو حج الرجل أباه بحق وجب المصير إلى الحجة.
الجواب الثاني: إنما حجه لأن الذنب كان في شريعة واللوم في شريعة وهذا من جنس ما قبله إذ لا تأثير لهذا في الحجة بوجه وهذه الأمة تلوم الأمم المخالفة لرسلها المتقدمة عليها وأن كان لم تجمعهم شريعة واحدة ويقبل الله شهادتهم عليهم وإن كانوا من غير أهل شريعتهم.
الجواب الثالث: إنما حجه لأنه كان قد تاب من الذنب والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ولا يجوز لومه وهذا وإن كان أقرب مما قبله فلا يصح لثلاثة أوجه:
أحدها: أن آدم لم يذكر ذلك الوجه ولا جعله حجة على موسى ولم يقل أتلومني على ذنب قد تبت منه.
الثاني: أن موسى أعرف بالله سبحانه وبأمره ودينه من أن يلوم على ذنب قد أخبره سبحانه أنه قد تاب على فاعله واجتباه بعده وهداه فإن هذا لا يجوز لآحاد المؤمنين أن يفعله فضلا عن كليم الرحمن.
الثالث: أن هذا يستلزم إلغاء ما علق به النبي صلى الله عليه وسلم وجه الحجة واعتبار ما ألغاه فلا يلتفت إليه.
الجواب الرابع: إنما حجه لأنه لأمه في غير دار التكليف ولو لامه في دار التكليف لكانت الحجة لموسى عليه وهذا أيضا فاسد من وجهين:
أحدهما: أن آدم لم يقل له لمتني في غير دار التكليف وإنما قال أتلومني على أمر قدر على قبل أن أخلق فلم يتعرض للدار وإنما احتج في القدر السابق.
الثاني: أن الله سبحانه يلوم الملومين من عباده في غير دار التكليف فيلومهم بعد الموت ويلومهم يوم القيامة.
الجواب الخامس: إنما حجه لأن آدم شهد الحكم وجريانه على الخليقة وتفرد الرب سبحانه بربوبيته وإنه لا تحرك ذرة إلا بمشيئته وعلمه وأنه لا راد لقضائه وقدره وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن قالوا ومشاهدة العبد الحكم لا يدع له استقباح سيئة لأنه شهد نفسه عدما محضا والأحكام جارية عليه معروفة له وهو مقهور مربوب مدبر لا حيلة له ولا قوة له قالوا ومن شهد هذا المشهد سقط عنه اللوم وهذا المسلك أبطل مسلك سلك في هذا الحديث وهو شر من مسلك القدرية في رده وهم إنما ردوه أبطالا لهذا القول وردا على قائليه وأصابوا في ردهم عليهم وأبطال قولهم وأخطأوا في رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذا المسلك لو صح لبطلت الديانات جملة وكان القدر حجة لكل مشرك وكافر وظالم ولم يبق للحدود معنى ولا يلام جان على جنايته ولا ظالم على ظلمه ولا ينكر منكر أبدا.
¥