قلت: له فلم جعلت المؤمنين ينتظرون ربهم؟
ففكر قليلا ثم قال: هناك فرق بين انتظار الرحمة وانتظار العذاب - واستحسنه منه السيابي وهو عجيب لأن المؤمنين عندما يدخلون الجنة لا ينتظرون انتظار الرحمة بل يأتوها وقد فتحت أبوابها!! -
فقلت له: أريد ميزاناً عندكم لرد أو قبول الأحاديث، فهل كل ما في البخاري تقبلونه أو لا؟
قال لا.
قلت كيف تردونه وقد أجمعت الأمة على قبوله إلا أحرف يسيرة انتقدها نحو الدارقطني وليست أحاديث الرؤية منها
قال: إنما نرد ما أخذه البخاري عن المرجئة ونحوهم.
قلت: فما كتابكم في الرجال الذي يمكننا أن نرجع إليه؟
فقال: السيابي ميزان الاعتدال للذهبي.
فقلت وهل كانت الأمة في ضلال قبل الذهبي؟ - وغلب على ظني أنهم إنما اختاروا هذا الكتاب لأنه يجمع فيه الذهبي الرواة الذين تُكلم فيهم ولو بمردود-
وهنا تدخل الخليلي وقال: وغير ذلك من الكتب إلا أننا نرد الحديث إذا خالف القرآن ولنا سلف في الصحابة فها هو عمر يرد حديث فاطمة بنت قيس في نفقة المطلقة ثلاثاً وسكناها وقال: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت.
فقلت للسيابي: إن الإمام أحمد ثبوت ذلك عن عمر أصلاً أي القول بالنفقة والسكن، ثم إن ظاهر الحديث وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كأن المخالفة لظاهر الآثار أيضاً، ويكون هذا من باب الاجتهاد في الدليل ولذا ذهب أهل الحديث لقول فاطمة رضي الله عنها، ثم ما أحد من الصحابة رد الرؤية في الآخرة وإنما الوارد تنازعهم في رؤية الدنيا وما أطلق أحد منهم أنها لا تجوز في الدنيا والآخرة.
فقال الخليلي أيضاً: قد أنكرت عائشة على ابن عمر قوله: (أن الميت يعذب بما يناح عليه) وقال بتوهيمه لمخالفة القران في قوله: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) فهذا شاهد للصحابة في رد الأحاديث التي تخالف القرآن.
فقلت: الأصل القبول والتسليم ثم الرجوع إلى الجمع بين مختلف الحديث كما فعل العلماء، ولذا أرأيت لو كان من سنة الميت أو وصيته النياحة هل يعذب أو لا؟
قال النياحة معصية والوصية بها معصية فيعذب عليها.
فقلت:هل يخالف هذا القرآن؟
قال: لا.
فقلت: مشكلة من يرد كما فعلت أول الأمر قد يرجع إلى قلة الفقه!! ثم اخبرني إذا مات وهو كذلك هل يخلد في النار؟
قال: نعم.
ثم دخلنا في قضية تخليد العصاة الموحدين في النار إذا لم يتوبوا
= القول بتخليد غير التائبين من المؤمنين في النار.
قلت له: كيف يخلدون والأحاديث دالة على خروج من لم يعمل خيراً قط من النار إذا كان من أهل التوحيد.
فقال لقوله تعالى: (إلا من تاب وآمن .. ) الآية، فعلق الخروج من النار على التوبة.
فقلت له: فأين التخليد؟
قال: من قوله تعالى: (والذين لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يليق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً).
فقلت له: هذا مرتب على ما ذكر من عبادة غير الله والقتل والزنا فلم تخصصه؟ قال: يلزمك أن الذي يعبد غير الله ولا يقتل أو يزني أنه لا يخلد في النار.
فقلت أين أنت من قوله تعالى: (انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة)؟ وقوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ونحوها من الآيات القاضية بتخليد المشرك في النار ثم إن قولك يخالف قوله تعالى (غافر الذنب وقابل التوب) لأنه سبحانه امتدح نفسه بغفران الذنوب وقبول التوبة فهو سبحانه يغفر ذنوباً وان لم يتب أصحابها برحمته.
فقال: وهل كل واو تقتضي المغايرة؟
قلت: عندك خلاف ذلك؟
قال: نعم، قوله تعالى: (والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى .. ) فهل الذي هنا مغايرة لـ (الذي) في التي بعدها؟
قلت: أتقول أن قوله: (الذي قدر فهدى) هو نفس (الذي اخرج لمرعى)؟
فسكت ثم قال: فماذا تقولون يا من جرأتم أهل المعاصي على المعصية في قوله تعالى: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار فهم فيها خالدون)؟
¥