تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما هو تقدير "كهيعص"؟]

ـ[عطية زاهدة]ــــــــ[23 - 12 - 06, 08:03 م]ـ

فتحُ فاتحة "كهيعص" من سورة مريم .....

اختلف المفسرون كثيراً وطويلاً في الحروف المقطّعةِ التي جاءت في فواتح تسعٍ وعشرينَ سورةً من سُورِ القرآنِ الكريمِ. وهذه الاختلافاتُ مبسوطةٌ في كتب التفسير وعلوم القرآنِ، فمنْ أرادَ للمسألةِ تأصيلاً وتأسيساً فلْيَستَعِنْ بالبرهانِ في علومِ القرآنِ للزركشيِّ، وبالإتقان في علوم القرآنِ للسيوطيِّ، وبتفسيرِ الطبريِّ، وتفسير القرطبيِّ. وبالنسبةِ لي، فقد ذهبتُ إلى حلِّها باعتبارِ أنَّ كلَّ حرفٍ منها هوَ الحرفُ الأولُ من كلمةٍ قرآنيّةٍ يمكنُ أن نقدّرَها من الآيةِ أوِ الآياتِ التاليةِ للفاتحةِ المشتملةِ على ذلك الحرفِ، أوْ من السورةِ نفسِها، أو حتى من سورةٍ أخرى، تقديراً يجعلُ لأحرُفِ الفاتحةِ معنىً معقولاً منسجماً معَ السياقِ والقرائنِ خاصّةً، ومعَ القرآنِ عامّةً.

وتفصيلُ طريقتي في حلِّ الفواتحِ هوَ في هذه الخطواتِ:

1 - لا بدَّ أنْ نحوِّلَ الحروفَ إلى نصٍّ من كلماتٍ.

2 - وأنْ نسيرَ على قاعدة ثابتة وهيَ اعتبارُ أنَّ كلَّ حرفٍ منها هوَ الحرفُ الأولُ من الكلمة المُختصرة.

3 - وأنْ تكونَ الكلمةُ المختصرةُ من القرآن نفسِهِ.

4 - والأولويّةُ في التقدير هيَ أن نقدّرَ الكلمةَ من الآيةِ أوِ الآياتِ التاليةِ للفاتحةِ المشتملةِ على ذلك الحرفِ، أوْ من السورةِ نفسِها. وإنْ لمْ يتيسّرِ التقديرُ من نفسِ السورةِ فيكونُ من أيِّ آياتٍ في السورِ الأخرى.

5 - وأن يكونَ النصُّ المختارُ عندَ ربطهِ معَ الآية التالية للفاتحة موضوعِ التقديرِ متوافقاً معَ اللسانِ العربيِّ.

6 - وأنْ ينسجمَ النصُّ المختارُ في معناهُ معَ سياقِ الآيةِ أوِ الآياتِ التي تتلو الفاتحةَ موضوعَ التقدير، أوْ يندمجُ فيهِ.

الفاتحة "كهيعص" في سورة مريم

يقول ربُّ العالمينَ: "كهيعص (1). ذِكْرُ رحمةِ ربِّكَ عبدَهُ زكريّا (2) " .. ولمّا كانَ الإنسانُ عجولاً فإنّني أُظهرُ حلَّها قبلَ كيفيّةِ الوصولِ إليْهِ، وإقامةِ الدليلِ عليْهِ.

حلُّ "كهيعص" هوَ: (كبيراً هديْناهُ يحيى عليماً صبيّاً). فكيفَ نصلُ لهذا الحلِّ؟

1 - اقرأْ معي: "كهيعص. ذِكْرُ رحمةِ ربِّكَ عبدَهُ زكريّا" .. ثمّ اسألْ نفسَكَ هذا السؤالَ: ما هيَ "كهيعص"؟

الجوابُ: إنَّ "كهيعص" هيَ: "ذِكْرُ رحمةِ ربِّكَ عبدَهُ زكريّا"؛ فالآيةُ الثانيةُ شرحٌ وتفصيلٌ للآيةِ الأولى. "كهيعص" هيَ تعريفٌ بقصةِ زكريّا، هيَ حديثٌ عمّا ذكرَهُ اللهُ تعالى منْ أمرِ رحمتِهِ لعبدِهِ زكريّا. هيَ ذكرٌ لِوجوهِ الرحمةِ التي رحمَها اللهُ تعالى لعبدِهِ زكريّا.

أجلْ، "كهيعص" هيَ اختزالٌ لمختصرِ قصةِ زكريّا، هيَ "زبدةُ" ما قصّتْهُ السورةُ عنْ زكريّا، هيَ مقدَّمةٌ اختزاليّةٌ تعرِّفُ بموجزِ القصّةِ.

حسناً، اعتبرْ أنَّ كلمةَ "هيَ" مقدرةٌ بينَ الآيتيْنِ واقرأْهما هكذا: "كهيعص" - هيَ - "ذِكْرُ رحمةِ ربِّكَ عبدَهُ زكريّا". والآنَ يمكنُكَ أنْ تسألَ هذا السؤالَ: ماذا حدَّثتنا السورةُ وبقيّةُ القرآنِ الكريمِ وخاصّةً في سورةِ آلِ عمرانَ عنْ قصّةِ زكريّا؟ أو بعبارةٍ أخرى: ما هي قصة زكريا في خمسِ كلماتٍ؟

1 - حدّثنا القرآنُ الكريمُ أنَّ زكريّا قد صارَ كبيراً دونَ أنْ تأتيَهُ ذريّةٌ.

2 - وأنَّ اللهَ تعالى وهبَهُ على حالِِ الكِبَرِ غلاماً اسمُهُ "يحيى".ِ فيحيى هَدْيٌ أوْ هديّةٌ، هبةٌ منَ اللهِ سبحانهُ لعبدِهِ زكريّا، أيْ إنَّ اللهَ تعالى هدى لزكريا هَدْياً تمثّلتْ فيهِ رحمتُهُ له. وقدْ سبقَ لإبراهيمَ أنْ هدى إسماعيلَ هَدْياً للكعبةِ المشرّفةِ: "ربّنا إنّي أسكنتُ منْ ذرّيّتي بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ عندَ بيتِكِ المحرّمِ؛ ربّنا ليقيموا الصلاةَ .. "

3 - وأنَّ يحيى قدْ أوتِيَ حكماً وعلماً وهوَ صبيٌّ، أيْ أنَّ يحيى كانَ عليماً صبيّاً (وكلمةُ "صبيّاً" هيَ هنا حالٌ، وليستْ نعتاً لعليم).

ألا تجدُ الآنَ أنَّ "كهيعص" هيَ: (كبيراً هديْناهُ يحيى عليماً صبيّاً)؟

نعمْ، صارَ زكريّا كبيراً فهداهُ اللهُ يحيى العليمَ في صباه. وهذا هوَ جوهرُ قصّتِهِ.

ومنْ أجلِ مزيدٍ منَ التبسيط ألفتُ نظرَكَ إلى الآتيةِ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير