إبراهيم عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس موقوفا مثله. قال: " إسناده ساقط، و
عمر هذا متروك، و جويبر (سقط الخبر من الأصل و لعله. مثله)، و هذا مشهور
من قول مجاهد، و يروى مرفوعا، و هو باطل ". قلت: و مما يدل على ذلك أنه ثبت
في " الصحاح " أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا صلى الله
عليه وسلم. و من العجائب التي يقف العقل تجاهها حائرا أن يفتي بعض العلماء من
المتقدمين بأثر مجاهد هذا كما ذكره الذهبي (ص 100 - 101 و 117 - 118) عن غير
واحد منهم، بل غلا بعض المحدثين فقال: لو أن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله
يقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على العرش و استفتاني، لقلت له: صدقت و بررت!
قال الذهبي رحمه الله: " فأبصر - حفظك الله من الهوى - كيف آل الغلو بهذا
المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر، و اليوم فيردن الأحاديث الصريحة في العلو
، بل يحاول بعض الطغام أن يرد قوله تعالى: * (الرحمن على العرش استوى) * ".
قلت: و إن مثل هذا الغلو لمما يحمل نفاة الصفات على التشبث بالاستمرار في
نفيها، و الطعن بأهل السنة المثبتين لها، و رميهم بالتشبيه و التجسيم، و دين
الحق بين الغالي فيه و الجافي عنه، فرحم الله امرءا آمن بما صح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كهذا الحديث، فضلا عن مثل هذا الأثر! و بهذه المناسبة
أقول: إن مما ينكر في هذا الباب ما رواه أبو محمد الدشتي في " إثبات الحد " (
144/ 1 - 2) من طريق أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش: أنشدنا أبو طالب
محمد بن علي الحربي: أنشدنا الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني رحمه الله
قال: حديث الشفاعة في أحمد، إلى أحمد المصطفى نسنده. فأما حديث إقعاده على
العرش فلا نجحده. أمروا الحديث على وجهه و لا تدخلوا فيه ما يفسده. و لا
تنكروا أنه قاعد و لا تجحدوا أنه يقعده. فهذا إسناد لا يصح، من أجل أبي العز
هذا، فقد أورده ابن العماد في وفيات سنة (526) من " الشذرات " (4/ 78) و
قال: " قال عبد الوهاب الأنماطي: كان مخلطا ". و أما شيخه أبو طالب و هو
العشاري فقد أورده في وفيات سنة (451) و قال (3/ 289): " كان صالحا خيرا
عالما زاهدا ". فاعلم أن إقعاده صلى الله عليه وسلم على العرش ليس فيه إلا هذا
الحديث الباطل، و أما قعوده تعالى على العرش فليس فيه حديث يصح، و لا تلازم
بينه و بين الاستواء عليه كما لا يخفى. و قد وقفت فيه على حديثين، أنا
ذاكرهما لبيان حالهما: " إن كرسيه وسع السماوات و الأرض، و إنه يقعد عليه
، ما يفضل منه مقدار أربع أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - و إن له أطيطا كأطيط
الرحل الجديد إذا ركب من ثقله ".
" يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده: إني
لم أجعل علمي و حكمي فيكم إلا و أنا أريد أن أغفر لكم، على ما كان فيكم، و لا
أبالي ".
السلسلة الضعيفة - (ج 2 / ص 365)
866 - " إن كرسيه وسع السماوات و الأرض، و إنه يقعد عليه، ما يفضل منه مقدار أربع
أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - و إن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من
ثقله ".
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " (2/ 256):
منكر. رواه أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني في فتياله حول الصفات (100
/ 1) من طريق الطبراني عن عبيد الله بن أبي زياد القطواني: حدثنا يحيى بن أبي
بكير: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب
قال: أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة
، فعظم الرب عز وجل، ثم قال: فذكره. و رواه الضياء المقدسي في " المختارة "
(1/ 59) من طريق الطبراني به، و من طرق أخرى عن ابن أبي بكير به. و كذلك
رواه أبو محمد الدشتي في " كتاب إثبات الحد " (134 - 135) من طريق الطبراني و
غيره عن ابن أبي بكير به و لكنه قال: " هذا حديث صحيح، رواته على شرط البخاري
و مسلم ". كذا قال: و هو خطأ - بين مزدوج فليس الحديث بصحيح، و لا رواته على
شرطهما، فإن عبد الله بن خليفة لم يوثقه غير ابن حبان، و توثيقه لا يعتد به
كما تقدم بيانه مرارا، و لذلك قال الذهبي في ابن خليفة هذا: " لا يكاد يعرف
¥