فلم يحك أحد منهم الخلاف في قبوله إلا عن الجهمية،
فسم لنا من رده حتى تنقض هذه الأقوال إن كنت صادقًا.
4 - قولك: (ولك أن تراجع ما نقله ابن جرير الطبري في تفسيره للمقام المحمود فذكر قولين القول الأول: الشفاعة، والثاني الجلوس على العرش أو الكرسي).
هداك الله؛
هذه شبهة قديمة من شبه الجهمية على المثبتين لأثر مجاهد- رحمه الله تعالى- من أهل السنة، وقد دحضها اهل السنة وبينوا بطلانها والحمد الله.
- قد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (مقدمة التفسير) وغيرها من كتبه أن كثيرا من اختلاف السلف في التفسير إنما حقيقته من الاختلاف التنوع لا التضاد،
فكل يعبر عن المعنى بلفظ ولا تضاد بين هذه المعاني كلها، فيجمع العالم البصير بينها ويوافق بين مدلولاتها، فيتبين له أنه لا خلاف بينها.
أما الجاهل فلا يقوى على الجمع بينها ويجعلها من قبيل الاختلاف التضاد فيضرب بعضها ببعض ويرجح بينها.
ولو أنك اتبعت الأثر وتمسكت بأقوال أهل السنة لارتحت وأرحت من هذا التخط.
- قال محمد بن عمران الفارسي الزّاهد: فأمّا قول المسلمين المقام المحمود: الشَّفاعة.
فإنا لا ندفع ذلك، فنشاركه في جهلِهِ، بل صدقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عزَّ وجلَّ يشفعه في وقت ما يأذن له بالشَّفاعةِ، ويكرمه بما أحبّ من الكرامةِ حتى يعرف أولياءه وأنبياءه كرامته وفضله،
ولقد ضاق قلبُ المسلوبِ عن حمل معاني العلم، فلا يطلع بحسن النية والاتباع على معاني الكتاب، قال الله تبارك وتعالى: ? هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ? [المرسلات:35]،
فهذه ساعة تزفر جهنم فتذهل العقول حتى يقول الرُّسلُ من شِدَّةِ الجهد إذا زفرت ولوّا مُدبرينَ، فيقول الله تبارك وتعالى: ? مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا? [المائدة:109]،
ثم تأتي عليهم ساعة يشهدون بعقولٍ صحيحةٍ، ألا تسمع إلى قوله: ? وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ? [غافر:51] وقوله: ? ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ? [الزمر:31]،
فكذلك الجلوس في وقتٍ، والشَّفاعة في وقتٍ.
- وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: ولا أعلمُ أحدًا ممن ذكرتُ عنه هذا الحديث إلا وقد سَلّم الحديث على ما جاء به الخبر، وكانوا أعلمَ بتأويل القرآن وسُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم ممن ردّ هذا الحديث من الجُهّال، وزعم أن المقام المحمود هو الشّفاعة لا مقام غيره.
- وقال محمد بن جرير أبو جعفر الطَّبري (310هـ) الذي تستشهد بقوله: وهذا ليس مُناقضًا لما استفاضت به الأحاديث من أن المقام المحمود هو الشَّفاعة باتفاق الأئمة من جميع من ينتحل الإسلام ويدّعيه، لا يقول إن إجلاسه على العرش مُنكرًا، وإنّما أنكره بعض الجهمية، ولا ذِكره في تفسير الآية مُنكر. اهـ
- قال الشوكاني: وعلى كُلّ حالٍ فهذا القول غير مُنافٍ للقولِ الأول، لإمكان أن يُقعده الله سبحانه هذا المقعد، ويشفع تلك الشَّفاعة. اهـ
- وقد سبق النقل عن ابن حجر وهو يتكلم عن الاختلاف في المقام المحمود: وَيُمْكِن رَدُّ الأَقْوَال كُلّهَا إِلَى الشَّفَاعَة الْعَامَّة، فَإِنَّ إِعْطَاءَهُ لِوَاءَ الْحَمْد وَثَنَاءَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَلامِهِ بَيْن يَدَيْهِ وَجُلُوسه عَلَى كُرْسِيِّهِ وَقِيَامه أَقْرَبِ مِنْ جِبْرِيل كُلّ ذَلِكَ صِفَات لِلْمَقَامِ الْمَحْمُود الَّذِي يَشْفَع فِيهِ لِيُقْضَى بَيْن الْخَلْق.
5 - قولك: (لعن الله التعالم ماذا فعل بأصحبه
تتهم الألباني بالإنتصار للجهمية في موضوع خلافي)!!!
صدقت والله: لعن الله التعالم.
فقد سميت الرد على مخالفة الألباني لأهل السنة والجماعة - في قبول هذا الأثر- تعالمًا!!
فماذا أقول لك في ردّك على أئمة السلف الصالح أئمة الجرح والتعديل: أحمد وإسحاق وإبي داود والدارقطني والطبراني وابن بطة والآجري وغيرهم ممن صحح هذا الأثر وقبله، وقد وصفتهم أنت بقولك: (على الرغم من كثرة المصححين لتلك الآثار)
و الله الذي لا إله غيره هذا هو التعالم.
التعالم من يصف قول أهل السنة والجماعة قاطبة لهذا الأثر بالخطأ وأن قول الجهمية ومن وافقه هو الصواب!!
¥