تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(فإن كان هؤلاء الأئمّة: أبو إسحاق السبيعي، والثوري، والأعمش، وإسرائيل، وعبدالرحمن بن مهدي، وأبو أحمد الزبيري، ووكيع، وأحمد بن حنبل، وغيرهم، ممن يطول ذكرهم وعددهم، الذين هم سُرج الهدى، ومصابيح الدُّجى، قد تلقوا هذا الحديث بالقبول، وحدّثوا به، ولم ينكروه، ولم يطعنوا في إسناده، فمَن نحن حتى نُنكره، ونتحذلق عليهم؟!، بل نؤمن به، ونكل علمه إلى الله عز وجل)

ورحم الله ابن سحمان إذْ علَّقَ على هذا الكلام بقوله:

(فإذا ثبت هذا عن أئمة أهل الإسلام، فلا عبرة بمن خالفهم من الطغام أشباه الأنعام) صدق رحمه الله.

6 - أما تأويلك لحديث الصورة موافقة للجهمية، فهذا عجيب،

وكنت أظن منك الاعتذار للألباني في تأويله لهذا الحديث، وموافقته للجهمية،

أما ابن خزيمة رحمه الله فقد اعتذر له أهل السنة، وجعلوا هذا التأويل من زلاته التي لا يتابع عليها، لا أن يستشهد به في التأويل فقد

قال أبو موسى المديني سمعت أبا القاسم التيمي الملقب بقوام السنة يقول: أخطأ ابن خزيمة في حديث الصورة، ولا يطعن عليه بذلك، بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب.

فلو اعتذرت للألباني كاعتذار أهل السنة لابن خزيمة لكان الأولى بك لا أن توافقه على هذا التأويل الذي وافق فيه تأويل الجهمية، وخالف فيه إجماع السلف الصالح في القرون الثالثة كما

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن يُقال أن الضمير عائد إلى الله، فإنه مستفيضٌ من طرق متعددة عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدلُّ على ذلك .. " اهـ

فعود الضمير إلى الرحمن في هذا الحديث إجماع من أهل السنة والجماعة، لم يخالف فيه إلا الجهمية معطلة الصفات، وذلك بعد انقضاء القرون الثلاثة المفضلة كما قال ابن تيميّة رحمه الله: لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة، جعل طائفة الضمير فيه عائد إلى غير الله تعالى". ومن هنا تعرف لماذا أهل السنة اشتد نكيرهم على من أوَّل هذا الحديث ووصفوه بالجهمية أعداء السنة والتوحيد.

- قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي. [رواه الخلال, كما في "طبقات الحنابلة"].

- وقال عبدالله بن أحمد رحمه الله: قال رجل لأبي: خلق الله آدم على صورته - أي الرجل - فقال أبي: كَذَبَ. هو قول الجهمية". ["ميزان الاعتدال" للذهبي (1/ 603)].

- وقال إسحاق بن راهويه رحمه الله عن حديث ابن عمر (خلق الله آدم على صورة الرحمن): هذا صحيح، لا يدعه إلا مبتدع، أو ضعيف الرأي. ["الشريعة" للآجري (697)]

ولا أريد الإطالة في هذه المسألة،

وإلا فهي جديرة بالبحث نُصرة لقول أهل السنة، ودحضا لقول الجهمية ومن وافقهم على التأويل.

ولكن نحيلك - إن كنت مُريدًا للحق نابذا للتعصب - إلى كتابين:

الأول: كتاب "عقيدة أهل الإيمان في حديث خلق آدم على صورة الرحمن".

للشيخ حمود التويجري رحمه الله، وقد قام بتقريظه والوصية به الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله فقال: فألفيته كتابًا قيمًا، كثير الفائدة، قد ذكر فيه الأحاديث الصحيحة الواردة في خلق آدم على صورة الرحمن .. وقد أجاد وأفاد، وأوضح ما هو الحقّ في هذه المسألة: وهو أن الضمير في الحديث الصحيح في "خلق آدم على صورته" يعود إلى الله عز وجل، وهو موافق لما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن الله: "خلق آدم على صورة الرحمن وقد صححه: الإمام أحمد، وإسحاق، والآجري، وشيخ الإسلام ابن تيميّة، وآخرون من الأئمة رحمة الله عليهم جميعًا، وقد بين كثير من الأئمة خطأ الإمام ابن خزيمة رحمه الله في هذا في إنكار عود الضمير إلى الله .. " الخ

2 - وأما الكتاب الآخر فهو:

"دفاع أهل السنة والإيمان عن حديث خلق آدم على صورة الرحمن"للشيخ عبدالله بن محمد الدويش رحمه الله.

قال في مقدمة كتابه (ص5) بعد أن ساق كلام الألباني في هذه المسألة: ولما تأملته - يعني كلام الألباني - وجدته عاريًا عن التحقيق والبرهان، بعيدًا عن قول أهل السنة والجماعة، موافقًا لقول أهل الضلال الجهمية، فنبهت عليه نُصحًا للأمة، وخوفًا من الاغترار به ... والله ولي التوفيق.

7 - قولك: ولكن لا أجد منكم إلا صححه أئمة صححه أئمة!!! وكأنهم معصومين!!!)

ونحن لا نجد منك إلا ضعفه الألباني

فنحن نقول: صححه أئمة الجرح والتعديل أئمة أهل السنة والجماعة

وأنت تقول: ضعفه الألباني وتأتي بكلامه مقلدًا له وكأنه معصوم!!!

هولاء أئمتنا (وهم التاج الحقيقي على رأس السلفية) ونحتج بهم في مسائل التوحيد والسنة والعقيدة، وفي مسائل التصحيح والتضعيف، ومن مثل أحمد وإسحاق، وغيرهم ممن صحح هذا الحديث واحتج به؟

فتنكر علينا احتجاجنا بهؤلاء أئمة!!،

وأنت لا تحتج في هذه المباحث كلها إلا بالألباني وحده، فتقلده فيما يقول، ولو كان موافقا للجهمية؟!!!

وتنكر علينا تقليد السلف الصالح في التصحيح والتضعيف واتباعهم في مسائل التوحيد!!

ونعود لأصل البحث وهو حديث مجاهد رحمه الله تعالى الذي جعله أهل السنة في القرن الثاني والثالث الهجري فارقًا بين السنة والجهمية.

وجعله الألباني عقيدة باطله لا يجوز أن تتخذ دينا وعقيدة كما قال: وخلاصة القول: إن قول مجاهد هذا - وإن صح عنه - لا يجوز أن يتخذ دينا وعقيدة .. لو وُجِدَ الألباني في عصر السلف الصالح وسمعوا منه هذا الكلام ماذا سيكون حاله؟؟!!

نظروا إلى كلام السلف في الترمذي (الأعجمي) في كتاب السنة للخلال رحمه الله، ولكم بعد ذلك أن تحكموا.

- قال أبو بكر يحيى بن أبي طالب رحمه الله من علماء القرن الثالث الهجري:

قال: .. ولا علمت أحدًا ردَّ حديث مُجاهدٍ: يُقعد محمدًا صلى الله عليه وسلم على العرشِ. رواه الخلق عن ابن فضيل عن ليث عن مُجاهدٍ،

واحتمله المحدِّثون الثِّقاتِ، وحدَّثوا به على رُؤوسِ الأشهادِ، لا يدفعون ذلك، يتلقَّونه بالقبولِ والسُّرورِ بذلك،

وأنا فيما أرى أنّي أعقلُ مُنذُ سبعين سنةٍ!!

والله ما أعرفُ أحدًا ردَّه،

ولا يردّه إلا كُلّ جهميٍّ مُبتدعٍ خبيثٍ، يدعو إلى خلافِ ما كان عليه أشياخنا وأئمتنا. اهـ

رحمه الله أهل السنة أحياء وأمواتا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير