فممن أفتى في ذلك العصر بأن هذا الأثر يسلم ولا يعارض: أبو داود السجستاني صاحب السنن وإبراهيم الحربي وخلق بحيث أن ابن الإمام أحمد قال عقيب قول مجاهد أنا منكر على كل من رد هذا الحديث وهو عندي رجل سوء متهم! ".
وقال: "ولكن ثبت في (الصحاح) أن المقام المحمود هو الشفاعة العامة الخاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم".
قال الألباني في «مختصره»:"وهذا هو الحق في تفسير المقام المحمود دون شك ولا ريب".
================
عن سلمة الأحمر عن أشعث بن طليق عن عبد الله بن مسعود قال: بينا أنا عند رسول الله أقرأ عليه، حتى بلغت:" "عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً "قال: يجلسني على العرش! قال الذهبي: "هذا حديث منكر لا يُفرح به، وسلمة هذا متروك الحديث وأشعث لم يلحق ابن مسعود".
قال ابن جرير في «تفسيره»: "وقال آخرون: بل ذلك المقام المحمود الذي وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبعثه إياه هو أن يقعده معه على عرشه.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي قال: ثنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد في قوله: "عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً " قال: يجلسه معه على عرشه.
[الليث هو الليث بن أبي سليم قال ابن حجر في «التقريب»: "صدوق، اختلط جداً ولم يتميز حديثه فتُرك" وقال الألباني في «مختصره العلو»: قول مجاهد هذا -وإن صح عنه- لا يجوز أن يُتَّخذ ديناً وعقيدة ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة"].
قال ابن جرير: "وهذا قول غير مدفوع صحته لا من جهة خبر ولا نظر وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه ولا عن التابعين بإحالة ذلك فاما من جهة النظر فإن جميع من ينتحل الإسلإم إنما اختلفوا في معنى ذلك على أوجه ثلاثة:
فقالت فرقة منهم: الله عز وجل بائن من خلقه كان قبل خلقه الأشياء ثم خلق الأشياء فلم يماسها وهوكما لم يزل غير أن الأشياء التي خلقها إذ لم يكن هولها مماسا وجب أن يكون لها مباينا إذ لا فعال للأشياء لا وهو مماس للأجسام أو مباين لها قالوا: فإذا كان ذلك كذلك وكان الله عز وجل فاعل الأشياء ولم يجز في قولهم: إنه يوصف بأنه مماس للأشياء وجب بزعمهم أنه لها مباين فعلى مذهب هؤلاء سواء أقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه أو على الأرض إذ كان من قولهم إن بينونته من عرشه وبينونته من أرضه بمعنى واحد في أنه بائن منهما كليهما غير مماس لواحد منهما.
وقالت فرقة أخرى: كان الله تعالى ذكره قبل خلقه الأشياء لا شيء يماسه ولا شيء يباينه ثم خلق الأشياء فأقامها بقدرته وهوكما لم يزل قبل الأشياء خلقه لا شيء يماسه ولا شيء يباينه فعلى قول هؤلاء أيضا سواء أقعد محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه أو على أرضه إذ كان سواء على قولهم عرشه وأرضه في أنه لا مماس ولا مباين لهذا كما أنه لا مماس ولا مباين لهذه.
وقالت فرقة أخرى: كان الله عز ذكره قبل خلقه الأشياء لا شيء يماسه ولا شيء يباينه ثم أحدث الأشياء وخلقها فخلق لنفسه عرشا استوى عليه جالسا وصار له مماسا كما أنه قد كان قبل خلقه الأشياء لا شيء يرزقه رزقا ولا شيء يحرمه ذلك ثم خلق الأشياء فرزق هذا وحرم هذا وأعطى هذا ومنع هذا قالوا: فكذلك كان قبل خلقه الأشياء لا شيء يماسه ولا يباينه وخلق الأشياء فماس العرش بجلوسه عليه دون سائرخلقه فهو مماس ما شاء من خلقه ومباين ما شاء منه فعلى مذهب هؤلاء أيضا سواء أقعد محمدا على عرشه أو أقعده على منبر من نور إذ كان من قولهم: إن جلوس الرب على عرشه ليس بجلوس يشغل جميع العرش ولا في إقعاد محمد صلى الله عليه وسلم موجبا له صفة الربوبية ولا مخرجه من صفة ألعبودية لربه كما أن مباينة محمد صلى الله عليه وسلم ما كان مباينا له من الأشياء غير موجبة له صفة الربوبية ولا مخرجته من صفة العبودية لربه من أجل أنه موصوف بأنه له مباين كما أن الله عز وجل موصوف على قول قائل هذه المقالة بأنه مباين لها هو مباين له قالوا: فإذا كان معنى مباين ومباين لا يوجب لمحمد صلى الله عليه وسلم الخروج من صفة العبودة والدخول في معنى الربوبية فكذلك لا يوجب له ذلك قعوده على عرش الرحمن فقد تبين إذا بما قلنا أنه غير محال في قول أحد ممن ينتحل الإسلام ما قاله مجاهد من أن الله تبارك وتعالى يقعد محمدا على عرشه ... "
¥