ونجده في اكثر من موضع يكرر ذلك ولا ينكره فمثلاً قال: ((ويمكن رد الاقوال كلها إلى الشفاعة العامة فان اعطاه لواء الحمد وثناءه على ربه وكلامه بين يديه وجلوسه على كرسيه واقرب من جبريل كل ذلك صفات المقام المحمود الذي يشفع فيه ليقضى بين الخلق …))
ووجوه بطلان هذا القول هي:
الوجه الأول: في سند الخبر رجل متهم هو "عباد بن يعقوب" قال عنه الذهبي ((كان داعياً إلى الرفض ومع ذلك كان يروي المناكير عن المشاهير)). وضعف هذا الرجل يضعف الرواية، وعلى فرض صحة سند الرواية- جدلاً- وتوثيق عبادا هذا فانه قد خالف من هواوثق منه في روايته عن مجاهد نفسه فقد اخرج الطبري في تفسيره، من طريقين عن إبن أبي نجيح عن مجاهد القول في تفسير " مقاماً محموداً" قال: ((شفاعة محمد يوم القيامة)) ومن طريق إبن جريح عن مجاهد مثله، والمخالفة ضعف في الرواية، فضلاً عن قول الامام الذهبي: ((ومن انكر ما جاء عن مجاهد في التفسير قوله "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" قال: يجلسة معه على العرش)).
يقول إبن عبد البر: ((ولكن قول مجاهد هذا مردود بالسنة الثابتة عن النبي ?،وأقاويل الصحابة،وجمهور السلف وهو قول عند أهل السنة مهجور والذي عليه جماعتهم ما ثبت في ذلك عن نبيهم ?وليس من العلماء أحد إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك الا رسول الله ?،ومجاهد وان كان أحد المقدمين في العلم بتأويل القرآن فإن له قولين في تأويل اثنين هما مهجوران عند العلماء،مرغوب عنهما أحدهما هذا، والآخر قوله في قول الله عز وجل عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ... قال يوسع له على العرش فيجلسه معه وهذا قول مخالف للجماعة من الصحابة ومن بعدهم فالذي عليه العلماء في تأويل هذه الآية أن المقام المحمود الشفاعة)).
قال الشيخ الالباني:" وان عجبي لا يكاد ينتهي من تحمس بعض المحدثين السالفين لهذا الحديث الواهي والاثر المنكر ومبالغتم في الانكار على من رده واساءتهم الظن بعقيدته… وهب أن الحديث في حكم المرسل فكيف تثبت به فضيلة؟! بل كيف يبنى عليه عقيده أن الله يقعد نبيه ? معه على عرشه)).
الوجه الثاني: قال الإمام القرطبي: ((هذا القول مرغوب عنه، وان صح الحديث فيتأول على انه يجلسه مع انبيائه وملائكته)).
ومما مر نستخلص بطلان هذا القول، ولا حجة في تأويله، لأن التاويل فرع التصحيح فلما تبين بطلانه فسد تأويله. لأنه لما لم يثبت عن المعصوم، بطل الاستدلال به، حتى ولو قال من قاله أو تلقاه جماعة من اهل العلم بالقبول.
وأخيراً: فإن عجبي لايكاد ينقطع من اللجؤ إلى تأويل هذا الحديث أو جبر الامة بحد السيف على القول به على الرغم من نكارته وأنِ ما ورد في الاحاديث الصحيحة يكفي للجزم بأن المراد من المقام المحمود هو الشفاعة.
الاسراء / 79.
جامع البيان 9/ 145 وانظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور، السيوطي 5/ 328
الاحزاب/ 37.
احكام القرآن 3/ 1530
جامع البيان 9/ 147 والجامع لاحكام القران 10/ 311، وانظر فتح الباري 11/ 521
روح المعاني 15/ 132.
انظر ترجمة في الاعلام.
ابطال التأويلات 280 - 281 مخطوط ونقل الذهبي في العلو ص16 أبياتا عن الدار قطني يثبت فيها الاجلاس، وانظر النهاية في الفتن، إبن كثير 2/ 40، ونسيم الرياض2/ 343.
انظر ترجمة في ملحق الإعلام.
انظرجامع البيان 10/ 311، وفتح الباري 11/ 521.
بدائع الفوائد 4/ 93، وانظر نسيم الرياض، الخفاجي 2/ 343.
فتح الباري 11/ 522.
مصدر سابق.
ميزان الاعتدال 2/ 380، وانظر التقريب (3153)، والتحرير 2/ 182.
انظر ترجمة في التقريب (3662)، والتحرير 2/ 278.
جامع البيان 15/ 144.
جامع البيان 15/ 144.
ميزان الاعتدال 3/ 439.
التمهيد7/ 157 - 158.
مختصر العلو ص234.
التذكرة 1/ 284.
انظر النهاية في الفتن إبن كثير 2/ 40.
انظر الكامل في التاريخ، إبن الاثير 6/ 206.
ـ[محمد مصطفى العنبري الحنبلي]ــــــــ[18 - 04 - 07, 02:16 م]ـ
تلقّى أهل السنة من السَّلف الصَّالح أثر مجاهد رحمه الله بالقبول والتسليم،
بل والإنكار على من ردّه أو طعن فيه، ووصفوه بالبدعة والجهمية.
إعلم رحمني الله و إياك أن السلف لإنما رموا من أنكر هذا الأثر بالتجهم لأنه كان فيصلا بين أهل السنة و الجهمية في إنكار العلو للرب جل و علا لا لذات الإجلاس و لقد ذكر عدم ثبوته و افتقاره إلى دليل صحيح الشيخ الفاضل إبراهيم بن عامر الرحيلي حفظه الله تعالى في الشريط الخامس من شرح كتاب الإعتقاد لابن أبي يعلى و المشايخ الفضلاء كالشيخ عبد لعزيز الراجحي حفظه الله تعالى يوصي بعدم الخوض في مثل هذه المسائل النادرة و عدم الإكثار من طرحها و الله الموفق
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[22 - 09 - 07, 01:46 م]ـ
أحسنت أخي بارك الله فيك وحتى نحرر هذه الأصول أكثر نقول إن الأصول التي يجب التسليم لها هي:
1 - نصوص القرآن الكريم قطعية الدلالة.
2 - نصوص السنة النبوية قطعية الدلالة والثبوت.
3 - إجماع معتبر، له أصل من كتاب أو سنة.
5 - قول الصحابي إذا كان له حكم الرفع ولم يعرف له مخالف وصح عنه القول، ولم يعرف بالأخذ عن بني إسرائيل في الأمور المغيبة.
أقول هذه الأصول التي يجب التسليم لها فهل أثر مجاهد الذي هو محل نقاشنا داخل تحت واحد من هذه الأصول؟
لكن ما أرى يا أخي -بارك الله فيك- بهذه القيود حاجة. فما هي إلا دندنة المتكلمين!
يكفينا أن نقول:
1 - كتاب الله تعالى، ويرد المتشابه منه إلى المحكمات.
2 - سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وما لم تثبت عنه فلا يطلق عليه "سنة".
3 - إجماع المسلمين في أي عصر من العصور، وكل ما حصل من الإجماع فله أصل بلا ريب.
4 - أشبه الأقوال بهذه الأصول الثلاثة، وهذا مورد الاجتهاد.
وأثر مجاهد داخل في الثالث، والله أعلم.
¥