تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحدهما: أن الإنسان قد يكون معه قد صاف فيرى ما فيه مع مباينته له فالرب سبحانه قدرته على العالم ومباينته له أعظم من قدرة هذا على ما في يده فلا تمتنع رؤيته لما فيه وأحاطته به مع مباينته له

والقياس الثاني: من بنى دارا وخرج منها فهو يعلم ما فيها لكونه فعلها وإن لم يكن فيها فالرب الذي خلق كل شيء وأبدعه هو أحق بأن يعلم ما خلق وهو اللطيف الخبير وإن لم يكن حالا في المخلوقات.

وقال ابن القيم رحمه الله كما في مفتاح دار السعادة (2/ 76): (وأما قياس الأولى فهو غير مستحيل في حقه بل هو واجب له وهو مستعمل في حقه عقلا ونقلا:

أما العقل فكاستدلالنا على أن معطى الكمال أحق بالكمال فمن جعل غيره سميعا بصيرا عالما متكلما حيا حكيما قادرا مريدا رحيما محسنا فهو أولى بذلك وأحق منه ويثبت له من هذه الصفات أكملها وأتمها وهذا مقتضى قولهم كمال المعلول مستفاد من كمال علته ولكن نحن ننزه الله عز وجل عن إطلاق هذه العبارة في حقه بل نقول كل كمال ثبت للمخلوق غير مستلزم للنقص فخالقه ومعطيه إياه أحق بالاتصاف به وكل نقص في المخلوق فالخالق أحق بالتنزه عنه كالكذب والظلم والسفه والعيب بل يجب تنزيه الرب تعالى عن كل النقائص والعيوب مطلقا وان لم يتنزه عنها بعض المخلوقين وكذلك إذا استدللنا على حكمته تعالى بهذه الطرائق نحو أن يقال إذا كان الفاعل الحكيم الذي لا يفعل فعلا إلا لحكمة وغاية مطلوبة له من فعله أكمل ممن يفعل لا لغاية ولا لحكمة ولا لأجل عاقبة محمودة وهي مطلوبة من فعله في الشاهد ففي حقه تعالى أولى وأحرى فإذا كان الفعل للحكمة كما لا فينا فالرب تعالى أولى به وأحق وكذلك إذا كان التنزه عن الظلم والكذب كما لا في حقنا فالرب تعالى أولى وأحق بالتنزه عنه.

وبهذا ونحوه ضرب الله الأمثال في القرآن وذكر العقول ونبهها وأرشدها إلى ذلك كقوله: (ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا) فهذا مثل ضربه يتضمن قياس الأول يعني إذا كان المملوك فيكم له ملاك مشتركون فيه وهم متنازعون ومملوك آخر له مالك واحد فهل يكون هذا وهذا سواء فإذا كان هذا ليس عندكم كمن له رب واحد ومالك واحد فكيف ترضون أن تجعلوا لأنفسكم آلهة متعددة تجعلونها شركاء لله تحبونها كما يحبونه وتخافونها كما يخافونه وترجونها كما يرجونه وكقوله تعالى: (وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم) يعني أن أحدكم لا يرضى أن يكون له بنت فكيف تجعلون لله مالا ترضونه لأنفسكم وكقوله: (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم) يعني إذا كان لا يستوي عندكم عبد مملوك لا يقدر على شيء وغني موسع عليه ينفق مما رزقه الله فكيف تجعلون الصنم الذي هو أسوأ حالا من هذا العبد شريكا لله وكذلك إذا كان لا يستوي عندكم رجلان أحدهما أبكم لا يعقل ولا ينطق وهو مع ذلك عاجز لا يقدر على شيء وآخر على طريق مستقيم في أقواله وأفعاله وهو آمر بالعدل عامل به لأنه على صراط مستقيم فكيف تسوون بين الله وبين الصنم في العبادة ونظائر ذلك كثيرة في القرآن.

وفي الحديث كقوله في حديث الحارث الأشعري: " وان الله أمركم أن تعبدوه لا تشركوا به شيئا وان مثل من أشرك كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله وقال له اعمل وأد إلى فكان يعمل ويؤدي إلى غيره فأيكم يحب أن يكون عبده كذلك فالله سبحانه لا تضرب الأمثال التي يشترك هو وخلقه فيها لا شمولا ولا تمثيلا وانما يستعمل في حقه قياس الأولى) أ. هـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير