وَدِرْعُ عَلِيِّ كانَ صَدْرَاً فَمَا الَّذِي ... تَظُنُّ بِمِقْدَامٍ على الحَرْبِ مُقْبِلِ
وفي قَتْلِهِ عَمْرَو بْنَ وَدٍّ وَمَرْحَباً ... دَلِيْلٌ عَلَى مَا قُلْتُ غَيْرُ مُبَطَّلِ
وَسَمّاهُ في الدّارَيْنِ أَحْمْدُ سَيِّدَاً ... وذلك فَضْلٌ جَامِعٌ كُلَّ أَفْضَلِ
وَحَلاَّهُ مِنْ زَهْرَائِهِ وإخائِهِ ... بتَاجٍ منَ العَليَاءِ سَامٍ مُكَلَّلِ
وَكَانَ لَهُ السِّبْطَانِ في جِيْدِ فَضْلِهِ ... كَعِقْدٍ بيَاقُوْتٍ ودُرٍّ مُفَضَّلِ
وأنزلهُ مِنْهُ وتِلْكَ فَضِيَلَةٌ ... كهَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى فَلاَ تَتَأَوَّلِ
وأَثْنَى عَلَيْهِ يَوْمَ خَيْبَرَ إذ عَلا ... برايَتِهِ العَليَا عَلَى كُلِّ أطوّلِ
ثناءٌ بحُبِّ اللهِ، ثُمَّ رَسُوْلِهِ ... وفَتْحٌ عليْهِ عَاجِلٌ مُتَسَهِّلِ
علامَةُ إيمانِ الموحِّدِ حُبُّهُ ... وفي بغضهِ مَحضُ النِّفاقِ المُضَلّلِ
وَكَمْ جَمَعَتْ أَلْفَاظُهُ مِنْ بَلاغَةٍ ... وجاءتْ بحكمٍ في قَضَيَاهُ فيصلِ
بِفَضْلِ فَتَاوَهُ وَحَدِّ حُسَامِهِ ... دياجِي القضايا والوَقَائعِ تنجلي
تقلدّ خَمساً أَمرَهَا مُتَحَمِّلاً ... بأعبَائِهَا العُظمَى أَشَدَّ تحمُّلِ
يصوم هجيرَ الصيفِ أَجراً وحسبةً .. ويهجر لذّاتِ الرُّقادِ المخبِّلِ
إلى أن أتى ما لا مردَّ لوقعهِ ... وما يتعجَّل وقتُهُ لا يؤَجَّلِ
فخضَّبَ أشقاها مِنَ الرَّأسِ شبية ... تسامتْ وقاراً بالدَّم المتبزّلِ
وذلكَ عْدٌ صادِقٌ مِنْ مُحَمَّدٍ ... فآلَ بذاكَ الوعدِ أشرفَ مؤئلِ
فأكرمْ بهم في الناسِ أربعة هُمُ ... الربيعُ لقلبِ المُوقِنِ المُتَقَبَّلِ
ولم تجتمعْ إلاّ بباطنِ مؤمنٍ .... مَحَبتهمْ، لا في فؤادٍ مُغلّلِ
وبعدَ عليٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ .... اسْتُنِبْتَ بِصُلْحِ السَّيِّدِ المُتَفَضِّلِ
لذي الحلمِ والتّّقوى مُعاويةَ الرَّضى .. أمينٍ على التنزيلِ للوحي مُسجِلِ
رديفِ رسولِ اللهِ ثُمَّ دَعَى لهُ ... بحلمٍ وعِلْمٍ إذ لهُ بطْنُهُ يلي
ثمّ شرعَ –بعد ذلك- في ذكر فضائل آل البيت رضي الله عنهم، فقال:
وَأَذكُرُ شَيْئَاً مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِهِ ... فَفَضْلُهُمُ المشهورُ والظاهرُ الجلي
هُمُ العُرْوةُ الوثقى لمتمسكٍ بها ... ونورُ الهدى للمُبصِرِ المُتأملِ
ثم ذكر جملة منهم رضي الله عنهم، فبدأ بذكرِ سَيِّد الشّهداء حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه، فمدحهُ وأطال، ثمّ جعفر بن أبي طالب، ثمّ العباس بن عبدالمطلب، ثمّ الحَسَنْينِ: الحَسَن والحُسَين ابنيْ عَلِيّ، ثمّ عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهم.
وقال الشّيخ حافظ بن أحمد الحكميّ، في " الجوهرة الفريدة، في تحقيق العقيدة " (ص31)، في " باب الخلافة، ومَحَبَّةِ الصّحابة وأهل البّيْت رضي الله عنهم ".
وهو من المتون المتداولة عند الحنابلة، حفظاً وشرحاً، ومِمّن شرَحَهُ: شيخُنا العلامة عبدُالله بن عبدِالرحمن ابن جبرين القُضَاعيّ الحنبليّ حفظه الله، شَرَحَهُ كاملاً صَيْفَ عام (1422هـ)، قال حافظ:
كَذَا عليٌّ أبُو السِّبْطينِ رَابِعُهُمْ ... بالحقِّ مُعتضِدٌ، للكُفْرِ مُضطهِدُ
فهؤلاءِ بلا شكٍ خِلافتُهُمْ .... بمقتضى النصِّ، والإجماعُ مُنْعَقِدُ
وأَهلُ بيتِ النّبي والصَّحْبُ قاطبةُ ... عنهمْ نَذُبُّ، وحُبَّ القومِ نعتَقِدُ
والحق في فتنةٍ بين الصِّحابِ جَرَتْ .. هُوَ السكوتُ، وأنَّ الكُلَّ مُجتَهِدُ
والنَّصْرُ أنَّ أبا السِّبطينِ كان هُوَ الْـ ... ـمُحِقُّ مَنْ رَدَّ هذا قَوْلُهُ فَنَدُ
تَبّاً لرَافِضَةٍ، سُحْقَاً لِنَاصِبَةٍ ... قُبْحَاً لمَارِقَةٍ، ضَلُّوا ومَا رَشَدُوا
هذا شيء مِمّا تيسَّر لي في هذا، مِمّا يُظْهِرُ –جليّاً- كَذِبَ هذا الرافضي [] على أئمة الإسلام، حنابلةً وغير حنابلة مِنْ ذِكْرِ فضائل عليّ وأهل البَيْت رضي الله عنهم جميعاً.
وكتبُ الحنابلة طافحةٌ بفضلهم، والتّرضِّي عنهم، وهذا أمرٌ مُستقرٌّ عندهم –بحمد الله- لا نزاعَ فيه.
وقد أجمع أئمة الإسلام والسُّنَّة وأطبقوا، حنابلةً وغَيْرَهم، على عِظَمِ كتاب " الشريعة " وفضله، وأثنى على هذا الكتاب وصاحبِه: شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله في غير موضع مِن كتبه.
وكذلك الحافظ ابن قَيِّم الجوزيّة رحمه الله في غير موضع، منها " اجتماع الجيوش الإسلاميّة ".
¥