تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[23 - 11 - 06, 09:00 م]ـ

الكلام على متن هذا الحديث

يقول علامة حلب الشيخ محمد نسيب الرفاعي الشامي رحمه الله في كتابه القيم (التوصل):

"إن هذا الحديث ألغامه موجدة في متنه … فضلاً عن سنده، وفيه من الطامات ما لا يشك فيه مسلم أنه موضوع مكذوب وذلك من وجوه:

1 - نحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي دفن في بيت عائشة أم المؤمنين فإذا كان الأعرابي فعل ما فعل … على الشكل الذي يرويه الحديث فلابدَّ أنه دخل بيت عائشة .. وكيف يدخل عليها دونما استئذان …؟ لأن الحديث خلا من ذكر الاستئذان، وهب أنه استأذن .. فكيف تمكنه عائشة رضي الله عنها، من أن يفعل ما يفعل من الارتماء على القبر، وحثو التراب منه على رأسه؟!

2 - ثم إن الحديث مروي عن علي رضي الله عنه .. وهو الذي يروي عن الأعرابي ما فعل على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلابد أن يكون عليٌّ قد رآه فلو أنه سمع فقط دون أن يراه .. فمعنى ذلك أنه سمع من شخص آخر رواية عنه، ولكن لم يذكر هذا الشخص الذي سمع منه ما فعل الأعرابي … فعدم ذكر الشخص الذي سمع منه يدل على أن علياً رآى ما فعل … لا سماعاً من غيره …إذاً ثبت أن علياً رآى ما فعله الأعرابي ما يفعل على القبر .. فكيف لم ينهه عن ذلك؟ لأن الرواية لا تشير أن علياً نهاه .. فعدم النهي عن فعل يفيد الإقرار، فكيف يسكت علي رضي الله عنه عن فعل الأعرابي ولا ينهاه .. وهو يعلم أنه عمِلَ عَمَلَ الجاهلية فهذا لا يعقل صدوره عن علي رضي الله عنه ألبته، لا سيما وإن أبا صادق الذي يروي الحديث عن علي لم يثبت سماعه عن علي رضي الله عنه.

3 - ثم إن الحديث يروى عن الأعرابي أنه قال: يا رسول الله: قلت: فسمعنا قولك، ووعيت من الله ما وعينا عنك. فيعلم من هذا أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يسمع من شخص لابد أنه رآه واجتمع به … ثم إن السماع مع الوعي عنه صلى الله عليه وسلم يفيد أنه سمع فوعى وهذه صفات شخص فاهم بصير مما يدل على أن الأعرابي صحابي فاهم بصير .. فصحابي هذه صفته وهذا شأنه … أيعقل أنه يرتمي على قبر الرسول ويحثو منه التراب على رأسه … وهو يعلم أن هذا من عمل الجاهلية، والذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

4 - يقول الأعرابي: ووعيتَ من الله ما وعينا عنك، ولكن العكس هو الصحيح. فإن رسول الله لم يعِ من الله ما وعاه منه صحابته، بل وعى منه صحابته ما وعى هو عن الله، ولاشك أن الفارق ظاهر بين العبارتين … لأن عبارة الأعرابي أن الصحابة وعوا من رسول الله ما وعوه منه قبل أن يعي رسول الله ما وعاه عن ربه … وشتان بين قول الأعرابي الخاطئ وما بين القول الذي كان يجب أن يقوله ومثل هذا القول لا يقوله أعرابي فصيح، فضلاً عن أعرابي من أهل البادية بصرف النظر عن كونه صحابياً أيضاً … يعرف جيداً أنه ما وعاه رسول الله عن ربه كان قبل ان يتلقاه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقول الأعرابي يدل على أن القرآن تلقاه الصحابة عن رسول الله قبل أن يتلقاه رسول الله عن ربه.!!!

وهذا لا يقوله مسلم ما فضلاً عن صحابي فاهم بصير.

ولعله من الدسائس التي يراد منها: أن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم، والعياذ بالله.

5 - ثم قال الأعرابي –فيما يرويه هذا الحديث- … وكان فيما أنزل الله تبارك وتعالى عليك: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} وقد ظلمت نفسي، وجئتك لتستغفر لي … إن هذه الآية الكريمة تتعلق فيمن يأتيه عليه الصلاة والسلام حال حياته، لا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. نعم حال حياته ليحصل للمستغفر المغفرة من الله تعالى باستجابة استغفار رسول الله له … أما المجيء إلى قبره صلى الله عليه وسلم والسؤال أن يستغفر للسائل، فهذا محال … لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد انقطع عمله بوفاته، فلم يعد يتحرك أبداً فضلاً عن أن يحرك لسانه بالاستغفار أو غيره فهو على ضجعته من يوم أن دفن إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.

أما أن يسمع أو يتكلم أو يصدر عنه أي عمل .. فلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير