يبلغوني عن أمتي السلام "، فقد رواه النسائي من طرق متعددة عن سفيان الثوري و
عن الأعمش كلاهما عن عبد الله بن السائب به ". قلت الحديث عند النسائي في
" سننه " (1/ 189) كما ذكر الحافظ من طرق عديدة عن سفيان عن عبد الله بن
السائب، لكن ليس عنده و عن الأعمش، و إنما رواه من طريقه أيضا الطبراني في
" المعجم الكبير " (3/ 81 / 2). و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/ 205
) و ابن عساكر (9/ 189 / 2). قلت: فاتفاق جماعة من الثقات على رواية
الحديث عن سفيان دون آخر الحديث " حياتي .... "، ثم متابعة الأعمش له على ذلك
مما يدل عندي على شذوذ هذه الزيادة، لتفرد عبد المجيد بن عبد العزيز بها
، لاسيما و هو متكلم فيه من قبل حفظه، مع أنه من رجال مسلم و قد وثقه جماعة و
ضعفه آخرون و بين ...... ، فقال الخليلي: " ثقة، لكنه أخطأ في أحاديث، و قال
النسائي: " ليس بالقوي، يكتب حديثه ". و قال ابن عبد البر: " روى عن مالك
أحاديث أخطأ فيها ". و قال ابن حبان في " المجروحين " (2/ 152): " منكر
الحديث جدا، يقلب الأخبار، و يروي المناكير عن المشاهير، فاستحق الترك ".
قلت: و لهذا قال فيه الحافظ في " التقريب: " صدوق يخطىء ". و إذا عرفت ما
تقدم فقول الحافظ الهيثمي في " المجمع " (6/ 24): " رواه البزار، و رجاله
رجال الصحيح ". فهو يوهم أنه ليس فيه من هو متكلم فيه! و لعل السيوطي اغتر
بهذا حين قال في " الخصائص الكبرى " (2/ 281): " سنده صحيح ". و لهذا فإني
أقول: إن الحافظ العراقي - شيخ الهيثمي - كان أدق في التعبير عن حقيقة إسناد
البزار حين قال عنه في " تخريج الإحياء " (4/ 128): " و رجاله رجال الصحيح
، إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد و إن أخرج له مسلم، و وثقه ابن معين و
النسائي، فقد ضعفه بعضهم ". قلت: و أما قوله هو أو ابنه في " طرح التثريب في
شرح التقريب " (3/ 297): " إسناده جيد ". فهو غير جيد عندي، و كان يكون
ذلك لولا مخالفة عبد المجيد للثقات على ما سبق بيانه، فهي علة الحديث، و إن
كنت لم أجد من نبه عليها، أو لفت النظر إليها، إلا أن يكون الحافظ بن كثير في
كلمته التي نقلتها عن كتابه " البداية "، و الله أعلم. نعم، قد صح إسناد هذا
الحديث عن بكر بن عبد الله المزني مرسلا، و له عنه ثلاث طرق: الأولى عن غالب
القطان عنه. أخرجه إسماعيل القاضي في " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم " (رقم 25 بتحقيقي) و ابن سعد في " الطبقات " (2/ 2 / 2). و رجاله
كلهم ثقات رجال الشيخين. الثانية: عن كثير أبي الفضل عنه. أخرجه إسماعيل
أيضا (رقم 26)، و رجاله ثقات رجال مسلم غير كثير، و اسم أبيه يسار و هو
معروف كما بينه الحافظ في " اللسان " ردا على قول ابن القطان فيه: " حاله غير
معروفة ". الثالثة: عن جسر بن فرقد عنه. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "
مسنده " (230 من بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث)، و جسر ضعيف. قلت:
فلعل هذا الحديث الذي رواه عبد المجيد موصولا عن ابن مسعود أصله هذا المرسل عن
بكر، أخطأ فيه عبد المجيد فوصله عن ابن مسعود ملحقا إياه بحديثه الأول عنه. و
الله أعلم. و قد وقفت عليه من حديث أنس، و له عنه طريقان: الأولى: عن أبي
سعيد الحسن بن علي بن زكريا بن صالح العدوي البصري: حدثنا خراش عن أنس مرفوعا
مختصرا نحوه و فيه " تعرض علي أعمالكم عشية الاثنين و الخميس ". أخرجه ابن عدي
(124/ 2) و أبو منصور الجرباذقاني في " الثاني من عروس الأجزاء " (ق / 139
/ 2) و عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي في " جزء له " (2/ 2) و عزاه
الحافظ العراقي (4/ 128) للحارث بن أبي أسامة في " مسنده " بإسناد ضعيف، أي
بهذا الإسناد كما بينه المناوي في " فيض القدير " بعد أن نقل عنه تضعيفه إياه
بقوله: أي و ذلك لأن فيه خراش بن عبد الله ساقط عدم، و ما أتى به غير أبي
سعيد العدوي الكذاب، و قال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا للاعتبار، ثم ساق
له أخبارا هذا منها ". قلت: فالإسناد موضوع، فلا يفرح به. الثانية: عن
يحيى بن خدام: حدثنا محمد بن عبد الملك بن زياد أبو سلمة الأنصاري: حدثنا
مالك بن دينار عن أنس به نحوه و فيه: " تعرض علي أعمالكم كل خميس ". أخرجه
أبو طاهر المخلص في " الثاني من العاشر من حديثه " (ق 212/ 2): حدثنا يحيى
(يعني ابن محمد بن صاعد): حدثنا يحيى بن خدام به. قلت: و هذا موضوع أيضا
آفته الأنصاري هذا قال العقيلي: " منكر الحديث "، و قال ابن حبان: " منكر
الحديث جدا، يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يجوز الاحتجاج به ". و قال
ابن طاهر: " كذاب و له طامات ". و قال الحاكم أبو عبد الله: " يروي أحاديث
موضوعة ". و الراوي عنه يحيى بن خدام روى عنه جماعة من الثقات، و ذكره ابن
حبان في " الثقات ". و قال الحاكم أبو أحمد في ترجمة الأنصاري المذكور: " روى
عن يحيى بن خدام عن مالك بن دينار أحاديث منكرة، فالله تعالى أعلم الحمل فيه
على أبي سلمة أو على ابن خدام ". و جملة القول أن الحديث ضعيف بجميع طرقه، و
خيرها حديث بكر بن عبد الله المزني و هو مرسل، و هو من أقسام الحديث الضعيف
عند المحدثين، ثم حديث ابن مسعود، و هو خطأ، و شرها حديث أنس بطريقيه.
¥