تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[البراهين السنية في بيان كذب أقصوصة أبو جعفر المنصور مع الإمام مالك عند الحجرة النبوية]

ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[25 - 11 - 06, 02:43 م]ـ

عجيب هوس هؤلاء القوم بالأقاصيص المختلقة، وتتبعهم للحكايات المخالفة للنصوص المعتبرة، وعدم رفع الرأس بالآيات القامعة لأباطيل عقائد المبتدعة، وعزوفهم وتأويلاتهم للأحاديث الصريحة الصحيحة؛ بأقاصيص وأحاديث مكذوبة موضوعة!!

ثم هم يزعمون المحبة؟!

أي محبة في عدم الاتباع، وبناء العقائد على الحكايات التي لا ترتفع إلى الضعف-في الغالب- فما بالك إلى الصحة، ظلمات موضوعة، وأقاصيص مكذوبة!

وما على أهل السنة إلا البيان ليحييا من حيي على بينه ويهلك من هلك على بينه.

تكاثر عند القوم، محبي الاستغاثات الشركية، كلام يكذبونه ويتناقلونه على الأئمة، ونحن أمة إسناد، ولذلك سنذكر روايتهم ثم نأتي بأقوال العلماء المُحدِّثين المحققين في سند القصة، ثم نقف مع متن القصة.

ينسب إلى مالك بن أنس رحمه الله مع أبي جعفر المنصور العباسي قصة لتأييد احتجاجاتهم بتوسلاتهم بذوات المخلوقين، وفيها وهو الشاهد من المتن:

(أنه-أي أبو جعفر- سأل مالكاً فقال: يا أبا عبدالله أأستقبل القبلة وأدعوا، أم أستقبلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ولم تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك ووسيلةُ أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة؛ بل استقبله واستشفع به، فيشفعه الله) خرج لها القاضي عياض في الشفا وسندها: (حدثنا القاضي ألو عبدالله محمد بن عبدالرحمن الأشعري، وأبو القاسم أحمد بن لقي الحاكم وغير واحد فيما أجازونيه، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن عمر بن دلهاث، حدثنا أبو الحسن علي بن فهر،حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الفرج، حدثنا أبو الحسن عبدالله بن النتاب، حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا ابن حميد قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله)

الكلام على سند هذه القصة

قال ابن عبدالهادي رحمه الله في "الصارم المنكي":

(وهذه الحكاية التي ذكرها القاضي عياض ورواها باسناده عن مالك ليست بصحيحة عنه، وقد ذكر المعترض في موضع من كتابه أن إسنادها إسناد جيد، وهو مخطئ في هذا القول خطأ فاحشاً، بل إسناده إسناد ليس بجيد؛ بل هو إسناد مظلم منقطع، وهو مشتمل على من يتهم بالكذب وعلى من يجهل حاله، وابن حميد هو محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف كثير المناكير غير محتج بروايته، ولم يسمع من مالك شيئاً ولم يلقه؛ بل روايته عنه منقطعة غير متصلة؛ وقد ظن المعترض أنه أبو سفيان محمد بن حميد المعمري أحد الثقات المخرج لهم في صحيح مسلم قال فإن الخطيب ذكره في الرواة عن مالك، وقد أخطأ فيما ظنه خطأ فاحشاً ووهم وهماً قبيحاً.

فإن محمد بن حميد المعمري رجل متقدم لم يدركه يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل راوي الحكاية عن ابن حميد؛ بل بينهما مفازة بعيدة، وقد روى المعمري عن هشام بن حسان ومعمر والثوري، وتوفي سنة اثنين وثمانين ومائة قبل أن يولد يعقوب بن إسحاق أبي إسرائيل، وأما محمد بن حميد الرازي فإنه في طبقة الرواة عن المعمري كأبي خثيمة فإنه في طبقة الرواة عن يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل.

وأما محمد بن حميد الرازي فإنه من طبقة الرواة عن المعمري كأبي خثيمة وابن نمير وعمرو الناقد وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائتين، فرواية يعقوب بن إسحاق عنه ممكنة، بخلاف روايته عن المعمري فإنها غير ممكنة.

وقد تكلم في محمد بن حميد الرازي –وهو الذي رويت عنه هذه الحكاية- من غير واحد من الأئمة، ونسبه بعضهم إلى الكذب.

قال يعقوب بن شيبة السدوسي: محمد بن حميد الرازي كثير المناكير. وقال البخاري: حديثه فيه نظر. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: ردئ المذهب، غير ثقة.

وقال فضلك الرازي: عندي عن ابن حميد خمسون ألف حديث لا أحدث عنه بحرف.

وقال أبو العباس أحمد لمن محمد الأزهري، سمعت إسحاق بن منصور يقول: أشهد على محمد بن حميد وعبيد بن إسحاق العطار بين يدي الله أنهما كذابان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير