تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعل الشيخ لا يريد بوصف الزنادقة المعني الاصطلاحي الفقهي يعني النفاق الأكبر، أو حتى المعنى المعروف عند الكلاميين والمراد به الملاحدة والباطنية، لكن الشيخ يطلق هذا اللقب على جل الغلاة من المتصوفة تقريبا.

والشيخ ابن حجر الهيتمي المكي صاحب التحفة وشرح الحضرمية وشرح الأربعين، والكبائر والفتاوى الحديثية والصواعق المحرقة وغير ذلك كثير، كان فقيها كبيرا للشافعية، وقوله معتمد للفتوى عند المتأخرين.

لكنه في الوقت ذاته كان جهميا خالصا في الاعتقاد، وقبوريا صرفا في أبواب الربوبية، وكان غاليا في التصوف، معظما لابن عبي والحلاج وأشباههما، بيد أنه كان لا يقول بوحدة الوجود، وله كلام قبيح في شيخ الإسلام.

ولكن التسوية بينه وبين هؤلاء ـ ابن عربي ... ـ إجحاف، وهو ـ ومثله السبكي قبله والسيوطي بعده ـ من العلماء الكبار، أوقعهم في حبائل القبور والاستغاثات الشبه، والتساهل في الحديث، وحب بدعي لله والرسول، وللتأول مسالك، والفهوم تتفاوت، والسعيد من وفقه الله وأرشده، ولا أحد أحب إليه العذر من الله عز وجل!

ومن فتاواه (الحديثية!) عن ابن عربي:

((وسئل) رضي الله

عنه وأدام النفع به آمين ما حكم مطالعة كتب ابن عربي وابن الفارض (فأجاب) بقوله حكمهما أنها

جائزة مطالعة كتبهما بل مستحبة فكم اشتملت تلك الكتب على فائدة لا توجد في غيرها وعائدة

لا تنقطع هواطل خيرها وعجيبة من عجائب الأسرار الإلهية التي لا ينتهي مدد خيرها وكم ترجمت

عن مقام عجز عن الترجمة عنه من سواها وأظهرت من العبارة الوافية عن حال أعجز حال من

عداها ورمزت من رموز لا يفهمها إلا العارفون ولا يحوم حول حومة حماها إلا الربانيون الذين هم بين بواطن الشريعة الغراء وأحكام ظواهرها على أكمل ما ينبغي جامعون فلذلك كانوا بفضل مؤلفيها

معترفين وعلى ما فيها من الأخلاق والأحوال والمعارف والمقامات والكمالات هم المعولون ولم لا وهذان الإمامان المذكوران في السؤال من أئمة السلوك والمعارف ومن الأخيار الذين منحهم الله غايات اللطائف ولطائف العوارف وزوى عن قلوبهم محبة ما سواه تعالى وعمرها بذكره وشهوده وأسبغ عليها رضاه وفرغهم له فقاموا بواجب خدمته حسب الطاقة البشرية وأجرى عليهم من سوابغ قربه وحقائق الوحدانية الفردانية فتوسلا إليك اللهم أن تهل على جدثيهما هواطل الرحمة والرضوان وأن تسكنهما من قربك الأكبر أعلى فراديس الجنان إنك أنت الحنان المنان هذا وأنه قد طالع هذه الكتب أقوام عوام جهلة طغام فأدمنوا مطالعتها مع دقة معانيها ورقة إشاراتها وغموض مبانيها وبنائها على اصطلاح القوم السالمين عن المحذور واللوم وتوقف فهمها بكمالها على إتقان العلوم الظاهرة والتحلي بحقائق الأحوال والأخلاق الباهرة فلذلك ضعفت أفهامهم وزلت أقدامهم وفهموا منها خلاف المراد واعتقدوه صوابا فباؤا بخسار يوم التناد وألحدوا في الإعتقاد وهوت بهم أفهامهم القاصرة إلى هوة الحلول والاتحاد حتى لقد سمعت شيأ من هذه المفاسد القبيحة والمكفرات الصريحة من بعض من أدمن مطالعة تلك الكتب مع جهله بأساليبها وعظم ما لها من الخطب وهذا هو الذي أوجب لكثير من الأئمة الخط عليها والمبادرة بالإنكار إليها .... ) إلى أخر كلامه.

والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير