تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الوجه الأول في بطلان الاستدلال بآية {ولو أنهم إذ ظلموا .. } على شد الرحال للقبر]

ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[28 - 11 - 06, 04:10 م]ـ

هذه الآية عادة ما ترى أهل الأهواء يرددونها في الاحتجاج لباطلهم، ومن أهل الأهواء الرافضة والقبورية وغيرهم من دعاة الشرك ..

وقد استدل بهذه الآية أحد المشركين من الرافضة فسل أحد أبناء الصعيد عبدالله بن علي قلمه وألف "الصراع بين الإسلام والوثنية" ومن ضمن وقفات وقفته مع هذه الآية وبين عشرة أوجه في بطلان استدلالاتهم فإلى هذه الوقفات .. والعناوين من عند مخرج الكتاب ..

قال عند وقفته عند قوله تعالى: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً}:

بطلان الاحتجاج بالآية على إتيان القبر

(وأيضاً فالآية لا يمكن أن تدل على طلب المجيء إلى القبر لأمور كثيرة:

الوجه الأول

أول هذه الأمور أن الآية تطلب إلى المعنيين بها أن يجيئوا الرسول عليه السلام، وتذمهم إذ لم يأتوه، وهذا واضح؛ ولكن بعد موته عليه السلام لا يستطاع إتيانه ولا يمكن، ولا يقدر أحد عليه، فلا يمكن أن يؤمر به، وإنما يستطاع إتيان مسجده، وإتيان الحجرة التي تضم رفاته، ومن أتى مسجد النبي وحجرته والمكان الذي دفن فيه لم يقل: إنه أتى النبي ولا أنه جاءه لا شرعاً ولا لغة، فإن مجيء الشيء، حقيقة، هو مجيء ذاته ومجيء شخصه، لا مجيء ما يتصل به وما يضاف إليه من قبر ومكان ودار ..

زيارة القبر ليست زيارة لصاحبه

ولهذا فإن الزائرين للمقابر لا يقال: إنهم زاروا أهلها حقيقة،أو إنهم أتوهم حقيقة، فمن زار قبر والده لا يصدق أنه زار والده حقيقة بالإجماع والضرورة.

ولهذا جاء في الأحاديث الصحاح إضافة الزيارة إلى المقابر لا إلى الأموات المقبورين،

فجاء قوله عليه السلام: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها، فإنها تذكركم الآخرة))

وجاء قوله عليه السلام: ((لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج))

وفي الصحيح عن أبي هريرة قال: زار النبي قبر أمه فبكى وأبكى من حوله وقال: ((استأذنت ربي في أن استغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت)).

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: أتى النبي المقبرة فقال: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون))

وفي صحيح مسلم أيضاً عن بريدة قال: كان رسول الله يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا وبكم العافية))

وعن عبدالله بن مليكة قال: أقبلت عائشة ذات يوم من المقابر فقلت لها: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبدالرحمن، قلت لها: أليس نهى رسول الله عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، كان نهى عن زيارة القبور ثم أمر بزيارتها. رواه الأثرم في سننه.

وفي الحديث الذي يستدل به هؤلاء المخالفون عن عبدالله بت عمر عن رسول الله قال: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)) رواه الدارقطني والبيهقي، وهو حديث باطل ضعيف.

وقال الله في كتابه {إلهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر}.

وقال تعالى: {ولا تصل على أحد منهم مات أبداً، ولا تقم على قبره}.

والأخبار في زيارة القبور لا إلى المقبورين كثيرة معلومة متواترة.

والعلماء يبوبون لذلك فيقولون مثلاً "باب زيارة القبور" أو "باب زيارة القبر النبوي" ونحو ذلك.

وهذا لأنهم لا يختلفون في أن من زار القبر لا يقال له: إنه زار الأموات.

وفي هاتين الآيتين وفي الأحاديث التي ذكرناها قد أضاف الله وأضاف رسوله الزيارة إلى المقابر، ولم تضف في شيء من ذلك إلى الأموات، ولم يأت شيء من هذا إلا أن يكون متجوزاً فيه متوسعاً، وهذا لأن زيارة قبور الموتى ليست في الحقيقة زيارة لهم بالإجماع.

فزيارة الميت ليست ممكنة، وإنما تمكن زيارة قبره فقط

إتيان النبي بعد موته غير ممكن

وامتناع زيارة النبي بعد موته أظهر من امتناع زيارة غيره من الموتى كما تقدم، فإن غير تمكن زيارة قبره لأنه ظاهر موصول إليه.

أما قبر النبي عليه الصلاة والسلام فلا يمكن الوصول إليه ولا زيارته حقيقة، لأنه محاط بالحجرة المسدود عليه، ولأن الحجرة محاطة بالجدار البراني الذي أقيم عليه وسورت به.

فزيارة الأموات غير ممكنة وإنما تمكن زيارتهم فزيارة النبي عليه السلام خاصة غير ممكنة، فإتيانه إذن غير ممكن.

وإذا كان إتيانه غير ممكن فلا يمكن أن يطلب من الناس ما ليس ممكناً، وإذا لم يصح أن يطلب منهم لم يصح أن يكون قوله تعالى {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول} الآية .. أمراً بالمجيء إلى هذا الذي لا يستطاع، ولا حضاً عليه بالبداهة والإجماع.

فبطل الاستدلال بالآية على استحباب مجيء القبر.

ولعل الله أن يسهل لنا إكمال الوجه التسعة المتبقية، وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه:

أبو عمر الدوسري

http://saaid.net/feraq/sufyah/shobhat/10.htm

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير