"وأكره أن يعظم مخلوق حتى يُجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس" [أنظر الأم 1/ 278، المهذب 1/ 139 - 140، روضة الطالبين 1/ 652، المجموع 5/ 266 و8/ 257]
وهذا تناقض بين القول والفعل ينزه عنه الشافعي. ولو كان هذا التبرك صحيحاً لقال له الناس كيف تخشى على الناس فتنة لا تخشها على نفسك!
ولو كان الشافعي محبذا للتبرك بالقبور لما نهى عن البناء عليها وأنتم لا توافقون على ذلك وتعتبرون ما فعله أهل اليمن من هدم للبناء على القبور هدماً للقبر نفسه فاسمعوا فتوى الشافعي الموافقة لما فعله أهل اليمن:
* ففي عصره الشافعي لم يكن ببغداد قبر لأبي حنيفة ينتاب الناس للدعاء عنده ألبته. وكان المعروف عند أهل العلم هدم ما يبنى على القبور وذلك باعتراف الشافعي نفسه. فقد روى عنه النووي قوله فيما يبنى على القبر:
"رأيت من الولاة من يهدم ما بُنىَ فيها ولم أر الفقهاء يعيبون ذلك" [المجموع 5/ 298، شرح مسلم للنووي 7/ 24، الجنائز باب 33، وأنظر مواهب الجليل 3/ 65]
والله لو جاءكم الشافعي لرفضتموه ولقلتم له: "أصابك عدوى الوهابية"
وصرح البيضاوي بأن اليهود والنصارى كانوا يتوجهون إلى قبور صلحائهم بالصلاة والدعاء [حاشية سنن النسائي 2/ 42]
وجاء في (مجمع الأنوار في شرح ملتقى الأبحر 1/ 313) النهي عن الدعاء عند القبور [وانظر حاشية ابن عابدين على رد المحتار 2/ 439 البحر الرائق 2/ 298 روح المعاني للآلوسي الحنفي 17/ 313 مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر 1/ 313] فالشافعي لا يمكن أن يشابه اليهود والنصارى.
روى عبدالرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة أن علي بن الحُسين رضي الله عنه رأى رجلاً يأتي فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال: ((ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي-يعني علي بن أبي طال رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً وسلموا على فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم)) قال السخاوي (وهو حديث حسن) [قاله في القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع ص228 ط: مكتبة المؤيد. وذكره البخاري في التاريخ الكبير 2/ 3 - 286 وانظر مصنف عبدالرزاق رقم 6694 ومصنف ابن أبي شيبة 2/ 375]
نختم بكلام الشيخ عبدالرحمن دمشقية-حفظه الله- من موسوعة أهل السنة على هذه الأكذوبة
يقول الشيخ عبدالرحمن دمشقية في موسعته (موسوعة أهل السنة 1/ 263) مخاطباً الأحباش:
" أين كان الشافعي ليأتي قبر أبي حنيفة (كل يوم) وقد كان في أول أمره بالحجاز ثم انتقل إلى مصر.
وقد كان الشافعي بالحجاز بمكة بمكة أو المدينة وفيها قبر من هو خير من أبي حنيفة: وهو قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبور أصحابه، فلم يعرف عنه أنه كان يأتيه ليدعو عنده ويتبرك به .. فما له يفضل قبر أبي حنيفة على قبر سيد ولد آدم وصحابته؟!
أننتم أعلم بمذهب الشافعي أم النووي الذي حكى إجماع الأمة على النهي عن الاقتراب من القبر ولمسه باليد وتقبيله، ونقل مثله عن الحليمي والزعفراني وأبي موسى الأصبهاني؟ فمن المخالف لإجماع الأمة!
قد نهى أبو حنيفة عن التوسل إلى الله بأنبيائه -ولا يمكن أن يكون ذلك خافياً على الشافعي- فهل يرضى أبو حنيفة أن يتخذ أحد قبره للصلاة والعبادة؟ نعم الصلاة معناها الدعاء قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم} والدعاء هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة)) فمن اتخذ قبراً للدعاء عنده فقد اتخذه للصلاة والعبادة. فأبو حنيفة والشافعي يكرهان ما يكرهه الله.
ولم يكن أحد من أصحاب أبي حنيفة وطبقته كمحمد وأبي يوسف يتحرون الدعاء عند قبره بعد موته. ولا يزالون ينكرون على من يمس القبر ويقولون كما في الفتاوى البزازية والتتارخانية ورد المحتار أن مس الرجل القبر للتبرك من عادة النصارى.
والحمد لله الذي عصمنا من التقليد الأعمى، فلقد علمنا الشافعي أن ندور مع الكتاب والسنة مهما عظم الرجال قائلاً: (إذا رأيتم قولي يعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم فاضربوا بقولي عرض الحائط). وقال ابن عباس: (ما من أحد إلا ويؤخذ من قوله ويُترَك إلا صاحب هذا القبر). وبناءً على تعاليم الشافعي نضرب بفعله المزعوم (إن صح) عرض الحائط ونتمسك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا لا تتخذوا قبور أنبيائكم وصلحائكم مساجد فإني أنهاكم عن هذا)).
وهذا أصل يعلم الله كم خالفتم فيه الشافعي وسائر الأئمة الأفاضل.
فالحق والشافعي حبيبان إلى قلوبنا: فإن افترقا فالحق أحب إلى قلوبنا من الشافعي.
وعلى افتراض صحة سندها فإنكم لا تزالون مخالفين للشافعي، فالرواية تُفيد بأن الشافعي كان يدعو الله عند القبر وأما أنتم فتدعون القبر نفسه فتقولون المدد يا رفاعي مدد يا أولياء وتمسحون وجوهكم وأيديكم بالقبر، وتتوجهون إلى قبر الرفاعي من أي مكان في العالم وتخطون نحوه ثلاث خطوات. وهيهاتأن يفعل الشافعي ذلك)
http://saaid.net/feraq/sufyah/shobhat/15.htm
¥