تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله تعالى.

نعم زعم النبهاني في هذا الكتاب: أنّ قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} , وكذا قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} , وكذا قوله تعالى: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} , وقوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ , وقوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} , وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} , وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً}. قال الشيخ النبهاني عقب هذه الآيات: "وأمثال هذه الآيات كثير في القرآن كلها حملها - أي محمد بن عبد الوهاب- على الموحدين", وقال في موضع آخر من كتابه - قبل سرد هذه الآيات- "وزعم - أي محمد بن عبد الوهاب - أنّ ذلك كله شرك، وحمل الآيات التي نزلت في المشركين على الخواص، والعوام من المؤمنين .. " ثم ساق هذه الآيات الكريمات.

فأقول: ولقد صدق العلامة محمود شكري الألوسي في كتابه (غاية الأماني في الرد على النبهاني) إذ قال رحمه الله تعالى: "فإن الرجل جاهل - أي يوسف النبهاني - كما ستعلمه من رد كتابه هذا, سقيم الفهم بأخبار العدول الثقات ورواية الصادقين من الرواة، وما نشره من هذيانه الصريح، أعدل شاهد على ذلك, وأصح دليل على ما هناك, فضلا عما ذكره فيه جهابذة العصر الذين رأوه, وخالطوه، وعرفوا حاله، وشاهدوا أعماله .. "، ثم ذكر فيه بقية الكلام قلت: الآية التي ساقها النبهاني من سورة الأحقاف وهي قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} إنّ هذه الآية نزلت بمكة تصف حال المشركين الذين كانوا يعبدون الأصنام, وهي اللاّت, والعزى, والهبل, وغيرها من الأصنام, والآية تحكي قصة حال المشركين، وعن سفاهة عقولهم، وفساد فطرتهم إذ كانوا يدعون من دون الله تعالى هذه الأصنام, وإن كانت عبادتهم، ودعاؤهم لم تكن مقصودة لها، لأنهم اتخذوها علامات، وشعائر لأصحابها, لكي يتصوروا وجودهم عن طريق هذه الأجسام الحجرية عند الدعاء والاستغاثة بهم، ولقد أخرج الإمام البخاري في الصحيح، وكذا ابن المنذر وابن مردويه في تفسيرهما عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العربِ بعدُ، أمَّا ود فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سُواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني عطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان, وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع, أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا، وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت". قلت فهذه الرواية الصحيحة تزيل شبهة قوية تمسك بها النبهاني, ومن سار على منهجه من الأقزام بأن قريشاً كانت تعبد الأصنام الحجرية معتقدة فيها الخير والشر, والأمر ليس كذلك, وإنما كانت تعبد مسمّياتها كما تشير إليه هذه الرواية. ولقد شرح هذه الرواية الحافظ في الفتح شرحا مفصلا, وردّ على الواقدي في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير