تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تنفست فيه الإنسانية لأول مرة في التاريخ الإنساني الطويل, بنفس راحة، وعزة، وكرامة, وشرف، وغير ذلك من المعاني السامية نعلم بهذا التقرير الواضح أنّ النبهاني كان كاذبا في دعواه الذي ادعاه؛ وهو ليس هناك شركٌ ولا كفر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنّ تلك الآيات القرآنية التي ساقها في كتابه, وزعم أنها لا تشمل المؤمنين الموحدين الحاليين في نظره ولو دعوا غير الله تعالى، واستغاثوا به، وأن دعاء الأموات والاستغاثة بهم وهم في قبورهم ليس بشرك، وإنما الشرك في نظره الدعاء للأصنام فقط، ولا يبالي بالقواعد الأساسية التي وضعها علماء التفسير من السلف الصالح في فن أصول التفسير (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).

ماذا يقول النبهاني وأتباعه ومقلّدوه في آية الحج وهي قوله - جل وعلا -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} قلت: لم تترك هذه الآية الكريمة أي شبهة قد يتمسك بها أهل الباطل, فإنها تصرح أن الذي يستحق الدعاء والاستغاثة لا بد من أن توجد فيه صفة الخالق, وهي أن يخلق الذباب، ولقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في سورة فاطر إذ قال جل وعلا: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً} قلت: هذه الآية تفنّد الشبه التي تمسك بها النبهاني وأتباعه, والآية صريحة واضحة بيّنة لا غبار على معناها، أنّ من يُدعى من دون الله يجب فيه أن تتوفر فيه هذه الصفة التي نص عليها القرآن الحكيم, وهي أن يخلق أرضا، أو يكون له شرك مع الله تعالى في خلق السماوات، فلما لم توجد هذه الصفة, ولن توجد في مخلوق ما مهما بلغ الرتبة العليا في منزلته عند مولاه جل وعلا, فلا حق له أن يسمح لأحد بدعائه إياه في أمر لا مجال له، ولا قدرة معه على كشف الأمور المفصلة التي اختص الله تعالى وحده على كشفها وحلها، وهنا آية أخرى مماثلة في هذا المعنى في سورة الرعد: إذ قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} قلت: هذا وصف دقيق فيمن يستحق الدعاء، والاستغاثة, والخوف, والخشية, والرجاء, والتوكل, والإنابة، والاستعانة، وغير ذلك من العبادات.

فهل يوجد هذا الوصف الذي أورده القرآن الكريم في سوره وآياته في غير الله تعالى من نبي مرسل، وولي صالح وشهيد؟ حتى يستحق الدعاء والاستغاثة؟ لا والله ورب محمد صلى الله عليه وسلم.

ويقول ربنا تبارك وتعالى في س {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} سورة الأنعام فهذه الآيات كلها تتفق على معنى واحد, ولكن أين العقول الراجحة؟ , والقلوب الواعية؟ , والضمائر الحية؟ تدرك هذا المعنى الظاهر، يقول تبارك وتعالى في سورة الأعراف {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ}. فالآيات هذه تنادي بأن الذي أتى به النبهاني أنها فرية عظيمة، وافتراء مكشوف على الإسلام، والمسلمين، وأن الشبه التي تمسك بها شبهة هزيلة نشأت عنده عن جهل مركب, وفساد عريض في قلبه. وقد أكتفي بالكلام على آية الأحقاف عن بقية الكلام غلى الآيات التي ساقها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير