تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أ. هـ فهي متابعةٌ قصداً للأجر وليست تبركاً بالمكان، ويتأكد هذا التخريج بأنَّ سلمة رضي الله عنه وغيره من الصحابة كذلك، ما كانوا يتحرون كلَّ بقعةٍ صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانوا يتحرون ما كان يتحراه صلى الله عليه وسلم، ومذهب الشيخ أن كل مكان مكث فيه النبي صلى الله عليه وسلم ولو لبرهة فهو محلٌ للتبرك وهو على خلاف مذهب سلمة المستدل بفعله، ثم أين في الأثر إشارة إلى التبرك المزعوم؟! غاية ما فيه تحريه الصلاة حيث تحرَّاها النبي صلى الله عليه وسلم، ولو سلمنا جدلاً أن التحري كان للتبرك فهو تبركٌ بما لامس جسده الشريف في ذلك الوقت، وليس تبركاً بالبقعة ذاتها، فلو أراد أحدٌ اليوم أن يصلي خلف الأسطوانة تأسياً فله ذلك، أما تبركاً فلا، أيتبرك بالفرش الأعجمية أم بأنواع الرخام المصنوع في الشرق أو الغرب؟! فليس ثمة ما مسَّ جسده الطاهر صلوات الله وسلامه عليه.

ومن الغرائب أن الشيخَ يعدُّ هذا الأثر من قسم المرفوع حتى يعارض به أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيقول (ص27): ((فهذا أثر موقوف على عمر رضي الله عنه فكيف يناهض حديثين مرفوعين مقطوعاً بهما رواهما البخاري ومسلم، وهما: حديث عتبان، وحديث سلمة بن الأكوع المتفق عليه)) ولا أدري ما وجه كون حديث سلمة رضي الله عنه مرفوعاً وهو من فعله واجتهاده بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟!

= أمَّا ثالث أدلته وهو تحري الصحابة الصلاة عند أسطوانة عائشة رضي الله عنها فقد أورد فيه حديثاً منكراً، ولو صح فليس فيه دليل على التبرك، فقد قال - عفا الله عنه - (ص21): ((وأسطوانة عائشة كانت تسمى أسطوانة المهاجرين حيث كانوا يجتمعون عندها، وكان الصحابة يتحرون الصلاة عندها، ذكر ذلك الحافظ في الفتح، ... ثم قال: روى الطبراني في الأوسط عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في المسجد لبقعة قِبَل هذه الأسطوانة، لو يعلم الناس ما صلُّوا فيها إلا أن تُطَيَّر لهم فيها قرعة ... الخ الحديث)).أ. هـ

والحديث رواه الطبراني في (الأوسط) (1/ 475) من طريق عتيق بن يعقوب قال حدثنا عبدالله ومحمد ابنا المنذر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، ومحمد بن المنذر هو الزبيري يروي عن هشام أحاديث موضوعة ومنكرة، وعبدالله أخوه لا تُعرف له ترجمة. انظر: (السلسلة الضعيفة) للألباني (2390)

والحديث - لو صح - ليس فيه دليل أنهم كانوا يتحرُّون الصلاة عند الأسطوانة تبركاً بل اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، بل كان الصحابة رضي الله عنهم يبتدرون السواري وهي الأسطوانات - وقد كانت من خشب - للصلاة عندها وجعلها سترة لهم، وهذا معروف مشهور.

ثم إن الغريب من الشيخ أنه لم يكتفِ بأسطوانة عائشة المزعومة بل زاد عليها وقال (ص20): ((ومن الأماكن النبوية في الروضة الشريفة الأسطوانات الأخرى، وهي: أسطوانة السرير، وأسطوانة الحرس، وأسطوانة الوفود، وأسطوانة التوبة، وأسطوانة التهجد)) ولا أدري أيريد من الناس الذهاب إلى هذه الأسطوانات ليلتمسوا البركة عندها؟!

مع العلم أن أياً من هذه الأسطوانات لم يرد فيها حديث خلا أسطوانة التوبة - والتي تيب عندها على أبي لبابة رضي الله عنه - فقد ورد فيها حديث إسناده ضعيف، انظر: صحيح ابن خزيمة (رقم2236) وضعيف ابن ماجه (رقم350).

= أمَّا دليله الرابع، فهو حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما فقد قال الشيخ (ص23): ((وثبت عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنه كان يأتي مسجد الفتح الذي على الجبل، يتحرى الساعة التي دعا فيها النبي صلى الله عليه وسلم على الأحزاب ويتحرى المكان أيضاً ويقول: ولم ينزل بي أمر مهم غائظ إلا توخيت تلك الساعة فدعوت الله فيه بين الصلاتين يوم الأربعاء إلا عرفت الإجابة)) وقال في موضع آخر (ص59): بعد أن ذكر الحديث ((يقصد رضي الله عنه أنه يتوخى الزمان والمكان أي يدعو في تلك الساعة في ذلك المكان الذي دعا فيه النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد الفتح، بدليل رواية البخاري في الأدب المفرد ولفظه: .. - ثم ذكر اللفظ المتقدم آنفاً -)) أ. هـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير