تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وروى النسائي في السنن الكبرى برقم (11547) بإسناده عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى، فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمُرات، فقطع السَّمرات، وهدم البيت الذي كان عليها ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ((ارجع فإنك لم تصنع شيئاً)). فرجع خالد، فلما أبصرته السدنة ـ وهم حَجَبتها ـ أمعنوا في الحيل وهم يقولون: ((يا عزى، يا عزى)) فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحفن التراب على رأسها، فغمسها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ((تلك العزى)).

فهذه العزى أصلها شجرة ذات سمرات ثلاث وقد عبدها المشركون.

2ـ اللات: فقد روى ابن عباس كما في صحيح البخاري برقم (4859) بأن (اللات) كان رجلاً يلت للحجيج في الجاهلية السويق. فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه.

ونقل ابن كثير في تفسير الآية (7/ 454) أن هذا هو قول مجاهد والربيع بن أنس.

3ـ ذو الخلصة: وقد اختلف أهل العلم في (ذو الخلصة) هل هو صنم أو بيت كان يعبد وقد رجح الأزرقي كما في أخبار مكة (1/ 375) أنه بيت كان يدعى الكعبة اليمانية فيه نصُب.

وقد جاء في صحيح مسلم برقم (2456) من حديث جرير رضي الله عنه أن ذا الخلصة كان يقال له الكعبة اليمانية والكعبة الشامية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل أنت مريحي من ذي الخلصة والكعبة اليمانية والكعبة الشامية ... )) الحديث.

وفيه فحرقها بالنار.

وروى البخاري في صحيحه برقم (7116) عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة)).

فالرسول صلى الله عليه وسلم هدم وأزال أنواعًا من المعبودات منها الأصنام والمباني والأشجار والأحجار وغيرها، ولم يقتصر على الأصنام فقط وكان هدمه لتلك الأوثان بالنظر إلى ما يفعل عندها من أولئك الجهال ولم يقتصر على ذلك بل أمر بإزالة أسباب الشرك وقطع الطرق الموصلة إلى الشرك فأمر بكسر التماثيل .. وطمس الصور .. وتسوية القبور إذا لم تعبد .. فكيف إذا عبدت.

قال ابن القيم ـ في قصة هدم اللات لما أسلمت ثقيف ـ: (فيه أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها، يوماً واحداً.

وكذلك حكم المشاهد التي بنيت على القبور، والتي اتخذت أوثاناً تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للشرك والنذر، لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالتها. وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة، وأعظم شركاً عندها وبها. فاتبع هؤلاء سنن من كان من قبلهم، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة، وغلب الشرك على أكثر النفوس؛ لظهور الجهل وخفاء العلم. فصار المعروف منكراً والمنكر معروفاً، والسنة بدعة والبدعة سنة. وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام، وقل العلماء، وغلب السفهاء، وتفاقم الأمر، واشتد البأس، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس). أ ـ هـ زاد المعاد (3/ 506).

فهذه الأحجار والمباني في مكة هي آثار مع أن أصلها حجارة، لكن لما عبدت من قبل أولئك الجاهلين انتقلت من كونها آثاراً إلى أوثان تعبد مع الله، فكان صنيع النبي صلى الله عليه وسلم هو تحطيمها.

وهكذا آثار الصالحين .. وبيوتهم وأماكن ولادتهم متى ما كانت تعبد مع الله فيسجد لها وينذر لها وتدعى مع الله فهي أوثان لابد من هدمها لكي يقطع الشرك وأسبابه.

وهذه الأعمال الشركية من قبل الجهال هي التي تنقل هذه الآثار إلى كونها أوثاناً؟

والعجب أن الكاتب يقول في هذه الأماكن التاريخية والآثار الإسلامية ينبغي أن لا يربط بينها وبين ما خالطها من بدع وخرافات.

ولست أدري لماذا ربط الأنبياء بين الأوثان وبين أعمال الجهال عندها؟

لماذا هدموا المباني التي عبدت وتركوا المباني التي لم تعبد؟

لماذا سميت أوثان؟ لأنها مبنى فقط؟ أو لأن هناك خرافات وشركيات وجهت إلى هذا المبنى؟؟؟

والوثن أعم من الصنم. فقد يكون صنماً وقد يكون بناءً أو بيتاً أو حجراً ولذلك قال الأعشى:

تطوف الحفاة بأبوابه كطوف النصارى ببيت الوثن

انظر [الصبح المنير في شعر أبي بصير ص19].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير