تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما أشبه هذه الأمكنة بمسجد الضرار الذي أسس على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم. فإن ذلك المسجد لما بني ضراراً وكفراً، وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل ـ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيه، وأمر بهدمه.

وهذه المشاهد الباطلة، إنما وضعت مضاهاة لبيوت الله، وتعظيماً لما لم يعظمه الله، وعكوفاً على أشياء لا تنفع ولا تضر، وصداً للخلق عن سبيل الله، وهي عبادته وحده لا شريك له بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً، واتخاذها عيداً هو الاجتماع عندها واعتياد قصدها، فإن العيد من المعاودة). أ ـ هـ.

وأختم هذه الوقفة بسؤال يتساءله كل مسلم.

وهو: هل تأملنا إذا أحييت تلك الأماكن ما الذي سيضعه دعاة الشرك والبدع والخرافة هناك ... وما الأحداث التي سيحدثونها وما الباطل الذي سينشرونه؟

رابعاً: ذكر الكاتب: أن الأماكن التاريخية مكتسبات الأمة، وأن المحافظة عليها يزود الأمة بتيار روحي يجدد حياتها، وأن الأماكن التاريخية لها إيحاءاتها وإشعاعاتها الإيمانية.

ثم ذكر أن السماع إذا صاحبه المشاهدة لمكان الحدث يحرك في الشاب نوازع الإيمان ... كما في صحيفة عكاظ 3/ 3/1427هـ وكذلك 4/ 3/1427هـ.

وما ذكره الكاتب يذكرنا بقصة قوم نوح عليه السلام حيث كانوا يجدون في صور صالحيهم وتماثيلهم تحريكاً لنفوسهم للعبادة. وكانت تلك الأصنام والأماكن تخرج منها إشعاعات وإيحاءات حركت نفوس قوم نوح لكن حركتها إلى الباطل والشرك.

فتحريك النفوس موجود في كل أمة. ولكننا نبحث عن أمرين في تحريك النفوس.

أما الأمر الأول: فهو أين من يحرك النفوس للحق لا للباطل.

أما الأمر الثاني: أين المنهج الصحيح .. أين منهج النبي صلى الله عليه وسلم وطريقه في تحريك النفوس.

فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ الصحابة إلى مكان مولده ليحرك نفوسهم؟

وإنما حرك نفوسهم بالمواعظ الإيمانية ... والقرآن .... الخ.

فالبحث عن تحريك النفوس بأي طريق حتى لو خالف طريق النبي صلى الله عليه وسلم هذا فيه هلاك للعبد ... ومن تأمل في قصة قوم نوح عليه السلام فإنه يحذر أشد الحذر في هذه القضية.

لقد كان الطريق الخاطئ لتحريك النفوس سبباً لإخراج قوم نوح من نور الإيمان إلى ظلمات الشرك سبباً لخروجهم من الطمأنينة إلى الحيرة والتشتت لقد خرجوا من العزة والرفعة في عبادتهم لرب العباد إلى المذلة لشتى الأرباب.

فوقعوا في الظلم الوخيم .. والشر المستطير .. إنه الشرك بالله العظيم.

الشرك الذي هو انقطاع ما بين الله والعباد لا يبقى لهم معه أملٌ في مغفرةٍ حتى يتوبوا منه.

قال الله جل وعلا: ((وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً)) (نوح: 23/ 24). {24}

قال ابن عباس رضي الله عنه كما في صحيح البخاري (4920): (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح. فلما هلكوا. أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عُبدت).

فقوم نوح لم يريدوا بفعلهم هذا إلا الخير، والتزود في العبادة ... وتحريك النفوس.

لكن هل الطريق الذي أرادوا به الخير طريقاً صحيحاً؟

الجواب: لا.

بل إن الذي دعاهم إلى هذا الطريق في تحريك النفوس هو الشيطان نعوذ بالله منه، حتى زين لهم ذلك المكان الذي كان يجلس فيه الصالحون. بأن ذلك المكان إذا وضعت فيه الصورة ذكرتهم بالعبادة ... ورقّة قلوبهم. (فانصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً)، وكانت هذه هي الخطوة الأولى للشرك.

حيث قال ابن عباس: (ففعلوا ولم تعبد، فلما مات أولئك القوم ونسي العلم عُبدت).

وهكذا النصارى إذا نظروا إلى آثار الصالحين وقبورهم وجدوا تلك الإشعاعات .. والإيحاءات .. ولكنها إشعاعات وإيحاءات قادتهم إلى الشرك بالله عياذاً بالله من ذلك.

وكثير من أصحاب البدع لم يأتوا ببدعتهم إلا لزعمهم أنها تؤثر على قلوبهم ... وتحرك نفوسهم ... أو تؤثر على غيرهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير