تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ففي هذه الرسالة أريد أن أنبه على قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام: وهي النهي عن التشبه بالكفار، سواء كانوا في هديهم أو في أعيادهم، وهذا الموضوع جداً مهم وخطير في حياة المسلمين، ويُعتبر أصلاً من أصول العقيدة الإسلامية، ومن أهمها عند السلف الصالح في القرون الثلاثة المفضلة الأولى؛ فالصحابة والتابعون كانوا يحذرون الأمة من التهاون بها، والوقوع بما نهى عنه الله ورسوله من مشابهة الكفار والأعاجم ونحوهم.

ورغم ذلك ورغم وضوح هذا الأصل في الكتاب والسنة، وقع المسلمون في المحذور، وتشبهوا بالكفار وبسننهم حذوَ القذَّة بالقُذَّة، مما أدى ذلك إلى ضعف المسلمين، وتقوية الكافرين وانتشر بذلك التقليد: في العقائد والأفكار والأخلاق والعادات والأزياء التي هي الإسلام منها براء ..

فمثلا البناء على القبور واتخاذها مساجد؛ الإسلام منها براء، والفِرَق والجماعات الكثيرة في ساحات المسلمين؛ الإسلام منها براء، والتشبه بالكفار والأعاجم غير المسلمين بالزَّيِّ واللباس، والعادات والتقاليد واللغة، والأعياد والاحتفالات؛ كل ذلك الإسلام منها براء، والأفكار والمفاهيم الغير إسلامية التي هيمنت على أذهان كثير من المسلمين اليوم؛ الإسلام منها براء، وانتشار البدع؛ سواء كانت اعتقادية أو عمَليَّة، وما يروجه أصحاب الطرق الصوفية من بدع وخرافات؛ الإسلام منها براء، والاحتفال بأعياد لم يشرعها الله ولا رسوله؛ كالاحتفال بيوم عاشوراء، والمولد النبوي أو بهجرته وبليلة الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان؛ الإسلام منها براء - وإنما أحدث الأعياد هم الأمم الأخرى كاليهود والنصارى- وكذلك الغلو في الأنبياء والصالحين وبناء المساجد والأضرحة على قبورهم والطواف بها، والدعاء عندها، والتبرك بها، ودعاء أهلها من دون الله أو مع الله، ونحوها من البدع والشِّرْكِيَّات التي وقع فيها كثير من الجُهَّال والمبتدعين من أصحاب الطرق الصوفية والشيعة وغيرهم؛ الإسلام منها ومنهم براء.

وعليه يا عباد الله! فإنه بالرغم ما وقعت فيه الأمة، وما ستقع فيه من التشبه من الأمم الأخرى؛ فإنما هو قدرُ من أقدار الله وقضائه الذي لا يُرَدّ، وهذا لا يعني أن المسلم سيستسلم لهذا القدَر، بل علينا بفعل الأسباب الواقية، فالله سبحانه وتعالى قد حذرنا سبيل الكافرين، وأمرنا بالاستمساك بالعروة الوثقى، وأمرنا بالإصلاح، وأمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد أخبر النبي ? أن أمته ستتبع سنن الذين من قبله، وأنها سوف تفترق إلى أكثر من سبعين فرقة، ولكن هذا الإخبار جاء معه التحذير واتخاذ أسباب الوقاية، وما يكون ذلك إلاَّ بالتمسك بالكتاب والسنة، واقتفاء أثر السلف الصالح، والحذر من الابتداع في الدين، واتقاء أسباب الضلالة والغواية.

أيها المسلمون! إعلموا أن مشاركة النصارى أو تهنئتهم بأعيادهم تعتبر موافقة لدينهم الذي حرَّفوه، وتشبهٌ بهم، ورضاً بطقوسهم الدينية التي ما أنزل الله بها من سلطان.

فهؤلاء دينهم مؤسس على عبادة الصلبان؛ التي يجب علينا معاشر المسلمين أن نحرق كل صليب نقدر على إحراقه، وأن نهينه غاية الإهانة.

هذا الصليب أيها المسلمون الذي ادعى أهله أن إلههم قد صُلب عليه، فيقولون تارة أنه الله، وتارة يقولون أنه ابنه، وتارة يقولون ثالث ثلاث؛ فجحدوا حق خالقهم وكفروا به أعظم كفر، وسبوه أقبح مسبة؛ حيث ادعوا أن من تمام رحمته على عباده أنه رضي بإراقة دمه عنهم على خشبة الصليب، فأمة أطبقت على هذا في معبودها؛ فكيف نجيز لأنفسنا أن نهنِّئهم بأعيادهم، وهي بلا شك أعياد دينية عندهم؛ كالكريزمس، وهو عيد الصَّليب، وهذه التهنئة تُعتبر إقرارٌ لما هم عليه من شعائر الكفر والسجود للصليب.

عباد الله! إذا كان قد عُلِم من ديننا أنه لا يجوز لنا تصديرهم في المجالس، ولا القيام لهم، ولا بدؤهم بالسلام، فكيف حال من يقلدهم أو يهنؤهم عليها أو يحضرها؟!

عباد الله! يقول الله تعالى: ? والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً ? قال غير واحد من التابعين: أن الزور في هذه الآية هو أعياد المشركين، فعباد الرحمن حقاً هم الذين لا يشهدون ولا يحضرون أعياد المشركين فضلاً من أن يفعلوها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير