تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَقَالَ غَيْره قَوْل مَنْ قَالَ طَرِيقَة السَّلَف أَسْلَمَ وَطَرِيقَة الْخَلَف أَحْكَم لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ طَرِيقَة السَّلَف مُجَرَّد الْإِيمَان بِأَلْفَاظِ الْقُرْآن وَالْحَدِيث مِنْ غَيْر فِقْه فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ طَرِيقَة الْخَلَف هِيَ اِسْتِخْرَاج مَعَانِي النُّصُوص الْمَصْرُوفَة عَنْ حَقَائِقهَا بِأَنْوَاعِ الْمَجَازَات، فَجَمَعَ هَذَا الْقَائِل بَيْن الْجَهْل بِطَرِيقَةِ السَّلَف وَالدَّعْوَى فِي طَرِيقَة الْخَلَف، وَلَيْسَ الْأَمْر كَمَا ظَنَّ، بَلْ السَّلَف فِي غَايَة الْمَعْرِفَة بِمَا يَلِيق بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَفِي غَايَة التَّعْظِيم لَهُ وَالْخُضُوع لِأَمْرِهِ وَالتَّسْلِيم لِمُرَادِهِ، وَلَيْسَ مَنْ سَلَكَ طَرِيق الْخَلَف وَاثِقًا بِأَنَّ الَّذِي يَتَأَوَّلهُ هُوَ الْمُرَاد وَلَا يُمْكِنهُ الْقَطْع بِصِحَّةِ تَأْوِيله، وَأَمَّا قَوْلهمْ فِي الْعِلْم فَزَادُوا فِي التَّعْرِيف عَنْ ضَرُورَة أَوْ اِسْتِدْلَال وَتَعْرِيف الْعِلْم، اِنْتَهَى عِنْد قَوْله عَلَيْهِ: فَإِنْ أَبَوْا إِلَّا الزِّيَادَة فَلْيَزْدَادُوا عَنْ تَيْسِير اللَّه لَهُ ذَلِكَ وَخَلْقه ذَلِكَ الْمُعْتَقِد فِي قَلْبه، وَإِلَّا فَاَلَّذِي زَادُوهُ هُوَ مَحَلّ النِّزَاع فَلَا دَلَالَة فِيهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق.


وفي نفس الموضع قال رحمه الله:

((وَقَالَ بَعْضهمْ الْمَطْلُوب مِنْ كُلّ أَحَد التَّصْدِيق الْجَزْمِيّ الَّذِي لَا رَيْب مَعَهُ بِوُجُودِ اللَّه تَعَالَى وَالْإِيمَان بِرُسُلِهِ وَبِمَا جَاءُوا بِهِ كَيْفَمَا حَصَلَ وَبِأَيِّ طَرِيق إِلَيْهِ يُوَصِّل، وَلَوْ كَانَ عَنْ تَقْلِيد مَحْض إِذَا سَلِمَ مِنْ التَّزَلْزُل. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّة الْفَتْوَى وَمَنْ قَبْلهمْ مِنْ أَئِمَّة السَّلَف، وَاحْتَجَّ بَعْضهمْ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَوْل فِي أَصْلِ الْفِطْرَة وَبِمَا تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ الصَّحَابَة أَنَّهُمَا حَكَمُوا بِإِسْلَامِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ جُفَاة الْعَرَب مِمَّنْ كَانَ يَعْبُد الْأَوْثَان، فَقَبِلُوا مِنْهُمْ الْإِقْرَار بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَالْتِزَام أَحْكَام الْإِسْلَام مِنْ غَيْر إِلْزَام بِتَعَلُّمِ الْأَدِلَّة، وَإِنْ كَانَ كَثِير مِنْهُمْ إِنَّمَا أَسْلَمَ لِوُجُودِ دَلِيل مَا، فَأَسْلَمَ بِسَبَبِ وُضُوحه لَهُ، فَالْكَثِير مِنْهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا طَوْعًا مِنْ غَيْر تَقَدُّم اِسْتِدْلَال، بَلْ بِمُجَرَّدِ مَا كَانَ عِنْدهمْ مِنْ أَخْبَار أَهْل الْكِتَاب بِأَنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ وَيَنْتَصِر عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، فَلَمَّا ظَهَرَتْ لَهُمْ الْعَلَامَات فِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَادَرُوا إِلَى الْإِسْلَام، وَصَدَّقُوهُ فِي شَيْء قَالَهُ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَغَيْرهمَا، وَكَثِير مِنْهُمْ كَانَ يُؤْذَن لَهُ فِي الرُّجُوع إِلَى مَعَاشه مِنْ رِعَايَة الْغَنَم وَغَيْرهَا، وَكَانَتْ أَنْوَار النُّبُوَّة وَبَرَكَاتهَا تَشْمَلهُمْ فَلَا يَزَالُونَ يَزْدَادُونَ إِيمَانًا وَيَقِينًا.))

ـ[زوجة وأم]ــــــــ[14 - 12 - 06, 11:58 ص]ـ
وقد نقل ابن حجر رحمه الله كلاما للبيهقي رحمه الله في هذا - فتح الباري-

((وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي " كِتَاب الِاعْتِقَاد ": سَلَكَ بَعْض أَئِمَّتنَا فِي إِثْبَات الصَّانِع وَحُدُوث الْعَالَم طَرِيق الِاسْتِدْلَال بِمُعْجِزَاتِ الرِّسَالَة فَإِنَّهَا أَصْل فِي وُجُوب قَبُول مَا دَعَا إِلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَلَى هَذَا الْوَجْه وَقَعَ إِيمَان الَّذِينَ اِسْتَجَابُوا لِلرُّسُلِ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّة النَّجَاشِيّ وَقَوْل جَعْفَر بْن أَبِي طَالِبِ لَهُ " بَعَثَ اللَّه إِلَيْنَا رَسُولًا نَعْرِف صِدْقه فَدَعَانَا إِلَى اللَّه وَتَلَا عَلَيْنَا تَنْزِيلًا مِنْ اللَّه لَا يُشْبِههُ شَيْء فَصَدَّقْنَاهُ وَعَرَفْنَا أَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْحَقّ " الْحَدِيث بِطُولِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ اِبْنِ خُزَيْمَةَ فِي " كِتَاب الزَّكَاة " مِنْ صَحِيحه مِنْ رِوَايَة اِبْنِ إِسْحَاق وَحَاله مَعْرُوفَة وَحَدِيثه فِي دَرَجَة الْحَسَنِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَاسْتَدَلُّوا بِإِعْجَازِ الْقُرْآن عَلَى صِدْق النَّبِيّ، فَآمَنُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ إِثْبَات الصَّانِع وَوِجْدَانِيَّته وَحُدُوث الْعَالَم وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُرْآن وَغَيْره، وَاكْتِفَاء غَالِبِ مَنْ أَسْلَمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ مَشْهُور فِي الْأَخْبَار، فَوَجَبَ تَصْدِيقه فِي كُلّ شَيْء ثَبَتَ عَنْهُ بِطَرِيقِ السَّمْع، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَقْلِيدًا بَلْ هُوَ اِتِّبَاع وَاَللَّه أَعْلَم))
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير