قوله " باب التعرب في الفتنة " بالعين المهملة والراء الثقيلة أي: السكنى مع الأعراب بفتح الألف وهو أن ينتقل المهاجر من البلد التي هاجر منها فيسكن البدو فيرجع بعد هجرته أعرابيا، وكان إذ ذاك محرماً إلا إن أذن له الشارع في ذلك، وقيَّده بالفتنة إشارة إلى ما ورد من الإذن في ذلك عند حلول الفتن كما في ثاني حديثي الباب، وقيل بمنعه في زمن الفتنة لما يترتب عليه من خذلان أهل الحق، ولكن نظر السلف اختلف في ذلك: فمنهم من آثر السلامة واعتزل الفتن كسعد ومحمد بن مسلمة وابن عمر في طائفة، ومنهم من باشر القتال وهم الجمهور، ووقع في رواية كريمة " التعزب " بالزاي، وبينهما عموم وخصوص، وقال صاحب " المطالع ": وجدته بخطي في البخاري بالزاي وأخشى أن يكون وهما فان صح فمعناه البعد والاعتزال. " فتح الباري (13/ 41).
قلت: وثاني حديث الباب الذي أشار إليه هو:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن. رواه البخاري (6677).
قلت: وقول الحافظ " وكان إذ ذاك محرماً إلا إن أذن له الشارع في ذلك " يدل على ما ذكرنا من أنه فاعله مرتكب لكبيرة لا أنه مرتد!
والإذن في التعرب لسلمة وغيره:
قال الحافظ:
وقد وقع لسلمة في ذلك قصة أخرى مع غير الحجاج:
فأخرج أحمد من طريق سعيد بن إياس بن سلمة أن أباه حدثه قال: قدم سلمة المدينة فلقيه بريدة بن الحصيب فقال: ارتددتَ عن هجرتك؟ فقال: معاذ الله إني في إذنٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: ابدوا يا " أسلم " – أي: القبيلة المشهورة التي منها سلمة وأبو برزة وبريدة المذكور – قالوا: إنا نخاف أن يقدح ذلك في هجرتنا، قال: أنتم مهاجرون حيث كنتم.
وله شاهد:
من رواية عمرو بن عبد الرحمن بن جرهد قال: سمعت رجلا يقول لجابر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنس بن مالك وسلمة بن الأكوع، فقال رجل: أما سلمة فقد ارتد عن هجرته! فقال: لا تقل ذلك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأسلم: ابدوا، قالوا: إنا نخاف أن نرتد بعد هجرتنا، قال: أنتم مهاجرون حيث كنتم.
وسند كل منهما حسن.
" فتح الباري " (13/ 41).
والخلاصة:
1. ليس في سكن البادية إثم من حيث السكن.
2. من ر جع مرتداً إلى البادية فهو مرتد سواء رجع إليها أو مكث في موطن هجرته أو ذهب لغيرهما من الديار.
3. من رجع إلى البادية بعذر فلا شيء عليه.
4. من رجع إليها من غير عذر فهو فاعل لكبيرة
والله أعلم
كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبي
أبو طارق
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[15 - 12 - 06, 08:54 م]ـ
عفوا
ـ[معاذ بكر]ــــــــ[15 - 12 - 06, 11:43 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي الفاضل ...
و لكني أريد مناسبة الباب لموضوع الكتاب.
أكرر شكري لك يا أخي، جعله الله في موازين حسناتك ..
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[18 - 12 - 06, 10:23 م]ـ
شكرا لك أخانا معاذ بكر بارك الله فيك و من باب نسبة الفضل الى أهله ان هذا النص منقول وليس من بحثي لانني فهمت من كلامك أنه بحثي و شكرا