والبيهقي رحمه الله عاصر هذا التحول في مذهب الأشعري فمعاصره الجويني الذي هو أعظم أعلام الأشاعرة على الإطلاق هو أول من ارتضى الدليل المعتزلي المشهور للإستواء ((قد استوى بشر .. )) وهو من أشهر من تأول الصفات الخبرية وإن كان مسبوقاً بالبغدادي الذي توفى والجويني عمره قريب من 16 سنة وعموماً للجويني -قبل توبته-أثر كبير كما هو معلوم في توجيه المذهب الأشعري للإقتراب أكثر للمعتزلة حتى رماه جماعة بالتأثر بالمعتزلة والفلاسفة في مسائل منهم المازري والشهرستاني وتلميذه شارح الإرشاد وغير هؤلاء، لكن يبقى لأقواله عندهم مكانة كبيرة جدا خصوصا تقريراته في كتاب "الإرشاد".
ولشيخ البيهقي ابن فورك في العلو قول بالتأويل وهو في كتابه مشكل الحديث وقد طبع وقول بالإثبات في كتابه شرح أوائل الأدلة ولم يطبع ينظر لكتاب المحمود ج2/ 565 - 569 وقد نقل الشيخ المحمود عن شيخ الإسلام هذا ونقل نص كلام فورك وتعليق شيخ الإسلام على إختلاف قول ابن فورك فلينظر، وقد فات الشيخ المحمود كذلك نقل القرطبي لهذا، ففي كتابه الأسنى ج2/ 122 - 123 نقل القرطبي قول أبو بكر محمد بن الحسن الحضرمي القيرواني المالكي في رسالته الإيماء إلى مسألة الإستواء قال:
(( .. السادس قول الطبري وابن أبي زيد والقاضي عبد الوهاب [تلميذ الباقلاني شارح رسالة ابن أبي زيد] وجماعة من شيوخ الحديث والفقه وهو ظاهر بعض كتب القاضي أبي بكر رضي الله عنه [يعني الباقلاني] وأبي الحسن [يعني الأشعري شيخ المذهب] وحكاه عنه أعني عن القاضي أبي بكر [الباقلاني] القاضي عبد الوهاب نصاً وهو أنه مستو على العرش بذاته وأطلقوا في بعض الأماكن "فوق عرشه".
قال الإمام أبو بكر-صاحب الإيماء-: وهو الصحيح الذي أقول به من غير تحديد ولا تمكين في مكان ولا كون فيه ولا مماسة [رحم الله صاحب الإيماء وغفر الله لنا وله، واجزل مثوبته على اختياره لهذا القول الصحيح، ولا حاجة بعد ذلك لهذا التفصيل في النفي و لا حاجة أيضاً للخوض في الألفاظ المجملة ونفي النقص المتوهم عن الله يكفي فيه ليس كمثله شيء]
قلت-القائل القرطبي-: هذا قول القاضي أبو بكر [يعني الباقلاني] في كتابه تمهيد الأوائل له. وقد ذكرناه، وقاله الأستاذ أبو بكر بن فورك في شرح أوائل الأدلة، وهو قول ابن عبد البر والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيين والخطابي في كتاب شعار الدين وقد تقدم ذلك)) انتهى
رحم الله القرطبي ما أعظم انصافه لا كالجهمية المكابرة الذي يتعسف أحدهم النفي ونسبه النفي لأئمته حتى يقرمط في تحريف نصوص أئمته لنصرة هذا،وإن لم يتمكن من هذا ادعى الدس!! طهر الأرض منهم وكفى المسلمين شرهم.
وفي هذا رد بالغ مع الردود الأخرى التي دونها العلماء على الكوثري المجرم الأثيم ومن تبعه في نفي نسبه هذا للباقلاني في كتابه التمهيد وكذا للأشعري والقاضي عبد الوهاب وغيرهم. فالحمد لله رب العالمين.
والبيهقي كان موقفه من العلو عجيباً فتقرأ له في إثبات العلو كلام جميل ثم لا يلبث أن يورد ما قد يفهم منه نفي العلو للآسف، ولهذا الذي أشرنا له آنفا فقد حذف الأحباش الفصل المتعلق بالإستواء في كتاب البيهقي الإعتقاد حين طبعوه!! وقد حققه المدعو "الحوت" عليه من الله ما يستحق وقد نبه على هذا الشيخ الدكتور البراك في تحقيقه لعلو الذهبي، ولهذا السبب أيضاً قال الكوثري المجرم في تحقيقه للأسماء والصفات للبيهقي تعليقاً على كلام للبيهقي جميل حسن في إثبات العلو: ((وكلام المصنف هنا غير متين!!!!)) ص394 ثم قال تعليقاً على نص آخر في العلو: ((والمصنف تساهل في هذا الباب سامحه الله!!)) ص397 من الطبعة الأزهرية. وقد عد أئمة أعلام كابن تيمية والذهبي وغيرهم البيهقي من مثبته العلو ونقلوا كلامه وهو المرجو إن شاء الله وإن كان قد زل فأسأل الله أن يغفر له ويرحمه
والله الموفق.
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[21 - 12 - 06, 05:06 م]ـ
بارك الله فيك
هذا الموضع
والإمام البيهقي رحمه الله من أئمة الأشاعرة المتقدمين، أما الأشاعرة المتأخرون فمصيبتهم أفدح، فهم ورثة الجهمية والمعتزلة.
أشكل علي
و كيف يرث المتأخر ما لم يرثه المتقدم
وماهو الحد الفاصل بين متقدمي الأشاعرة ومتأخريهم
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[21 - 12 - 06, 08:43 م]ـ
الحمد لله وحده ...
¥