الثاني: أنك لا تنصف نفسك! ولا تحترم مخالفك، ولا تلتزم الإنصاف ..
والحقيقة أن كل ردود الأخ عبد الله الراجحي تدور على ما ذكره هذا الفاضل النبيه فإما أنه لم يفهم محل النزاع لذا تجده يغرد كثيراً خارج السرب وإما أنه فهم لكنه لم ينصف نفسه ولم ينصف مخالفه ويريد أن يشوش بكثرة القص واللزق، والحوار مع غير المنصف لا يفيد عموماً اللهم إلا في قصم ظهره وكشف عواره، ونحن نرجو أن يكون الأخ لم يفهم محل النزاع ونأمل منه أن يتمهل ولا يتسرع، وهذا تعليقي على أهم المغالطات التي مرت في هذا الموضوع والتعليق طويل بعض الشيء لكن لعله فيه إضافة إن شاء الله:
[تأويل الصفات الخبرية الواردة في القرآن]
ذُكر في هذا الموضوع أن متقدمي الأشعرية كانوا لا يتأولون الصفات الخبرية الذاتية الواردة في القرآن كاليد والوجه ويرون بطلان تأويلها ويردون على المعتزلة تأويلها والذي لم يكن يتأولها آنذاك إلا المعتزلة وهذا الامر أظهر من أن يحتج له يقول الأشعري شيخ المذهب وهو يعدد ما خالف المعتزلة به القرآن والسنة في التبيين لابن عساكر تحت ((باب ما وصف من مجانبته لأهل البدع وجهاده وذكر ما عرف من نصيحته للأمة وصحة اعتقاده))
قال (( ... فإذا كان أبو الحسن رضي الله عنه كما ذكر عنه من حسن الإعتقاد مستوصب المذهب عند أهل المعرفة بالعلم والانتقاد يوافقه في اكثر ما يذهب إليه أكابر العباد ولا يقدح في معتقده غير أهل الجهل والعناد فلا بد أن نحكي عنه معتقده على وجهه بالأمانة ونجتنب ان نزيد فيه أو ننقص منه تركا للخيانة ليعلم حقيقة حاله في صحة عقيدته في أصول الديانة فاسمع ما ذكره في أول كتابه الذي سماه بالإبانة:
(( ... أما بعد فإن كثيرا من المعتزلة وأهل القدر مالت بهم أهواؤهم إلى التقليد لرؤسائهم ومن مضى من أسلافهم فتأولوا القرآن على أرائهم تأويلا لم ينزل الله به سلطانا ولا أوضح به برهانا ولا نقلوه عن رسول رب العالمين ولا عن السلف المتقدمين فخالفوا رواية الصحابة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم في رؤية الله بالأبصار وقد جاءت في ذلك الروايات من الجهات المختلفات وتواترت بها الآثار وتتابعت بها الأخبار
وأنكروا شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وردوا الرواية في ذلك عن السلف المتقدمين وجحدوا عذاب القبر وان الكفار في قبورهم يعذبون وقد أجمع على ذلك الصحابة والتابعون ... وحكموا على العصاة بالنار والخلود خلافا لقول الله تعالى ... وزعموا أن من دخل النار لا يخرج منها خلافا لـ ...
ودفعوا أن يكون لله وجه مع قوله ((ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام))
وانكروا أن يكون لله يدان مع قوله ((لما خلقت بيدي))
وأنكروا أن يكون له عين مع قوله ((تجري بأعيننا)) ولقوله ((ولتصنع على عيني))
ونفوا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله إن الله ينزل إلى سماء الدنيا وأنا ذاكر ذلك أن شاء الله بابا بابا ...
فإن قال قائل قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون قيل له قولنا الذي به تقول وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان عليه أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته ...
وجملة قولنا أن نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرد من ذلك شيئا وأن الله إله واحد صمد لا إله غيره لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأن الله استوى على عرشه كما قال الرحمن على العرش استوى وأن له وجها كما قال ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وأن له يدا كما قال بل يداه مبسوطتان وقال لما خلقت بيدي وان له عينا بلا كيف كما قال ((تجري بأعيننا)) ... وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقى منه وما لم نذكره بابا بابا وشيئا شيئا.
¥