ثم قال ابن عساكر: ((فتأملوا رحمكم الله هذا الاعتقاد ما أوضحه وأبينه واعترفوا بفضل هذا الإمام العالم الذي شرحه وبينه وانظروا سهولة لفظه فما أفصحه وأحسنه وكونوا مما قال الله فيهم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وتبينوا فضل أبي الحسن وأعرفوا انصافه واسمعوا وصفه لأحمد بالفضل واعترافه لتعلموا أنهما كانا في الاعتقاد متفقين وفي أصول الدين ومذهب السنة غير مفترقين.))
فهذا شيخ المذهب والذي خبر المعتزلة وقلاهم يذكر لنا ما ينكره على المعتزلة في المعتقد مما حرفوا به القرآن والسنة كإنكارهم للرؤية والشفاعة وتأويلهم عذاب القبر الخ وذكر من ذلك دفعهم -بالتأويل-صفة اليد والعين والوجه، فمن قال بذلك فهو متابع للمعتزلة حقيقة لا غيرهم بلسان شيخه الأشعري ومن جوز إتباعهم فهو مجوز -في هذا- لمذهب المعتزلة الفاسد لا غيره ومن أبى وكابر وتلاعب فإنما يضحك على نفسه ويتلاعب بها, والله المستعان
والباقلاني في كتابه الحرة يذكر أن مما يجب على المكلف إعتقاده ولا يجوز الجهل به أن لله يدين نطق القرآن بإثباتهما وعينين أفصح بإثباتهما القرآن وتواترت بذلك الأخبار أنظرص23 بتحقيق الكوثري. والباقلاني في إبانته-كما في علو الذهبي2/ 1298 يقول: ((فإن قيل فما الدليل على أن لله وجهاً ويداً؟ قيل له قوله: ((ويبقى وجه ربك)) وقوله: ((ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي)) فأثبت لنفسه وجهاً ويداً.
فإن قيل: فما أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة إذ كنتم لا تعقلون وجها ويداً إلا جارحة، قلنا: لا يجب هذا كما لا يجب في كل شيء كان قائماً بذاته أن يكون جوهراً لأنا وإياكم لم نجد قائماً بنفسه في شاهدنا إلا كذلك. وكذلك الجواب لهم إن قالوا فيجب أن يكون علمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفات ذاته عرضاً واعتلوا بالوجود .. إلخ
فانظر إلزامه هذا تعرف أن نفي هذه الصفات لم يكن معروفاً آنذاك إلا عن المعتزلة نسأل الله السلامة ومن يزعم غير هذا فهو لا يدري ولا يدري أنه لا يدري وكبار أئمة الأشاعرة يعترفون بما قررناه قال ابن العربي: ((قال علماؤنا المتقدمون أن اليدين صفة، ثابتة في القرآن ليس لها كيفية وحملها المتأخرون من أصحابنا على القدرة)) العواصم ص220 تحقيق الطالبي.
ومن هنا نعرف كيف كان الأخ عبد الله يطير ويحلق بعيداً عن محل النزاع وهذه أمثلة من كلامه:
قال: لكن يا أخي لم ينكروا التأويل من أساسه!!
و قال: .. بل قد ثبت التأويل عند الباقلاني وهو من المتقدمين .. وأما كلام الباقلاني في صفة اليد وتأويلها بالقدرة ليس من جهة أنها غير ثابتة لغة بل من جهة أن سياق الآيات لايساعد هذا المعنى ومع هذا لم ينكر الباقلاني التأويل مطلقا فتنبه!!
[العلو]
قال: وأما العلو فالمتقدم والمتأخر يثبته لكن مع نفي الجهة المخلوقة وهي الجهات الست وأما العلو المطلق بلا تحديد جهة معينة للباري سبحانه فالكل يثبته .. والكل متفق أصلا على أن لله العلو المطلق بلاجهة وإذا كان بلاجهة فهو علو قهر ..
أقول: هذا تلاعب مفضوح بالألفاظ المجملة كررته هداك كثيراً وفيه تضييع لوقت الناس وإطالة الكلام بلا طائل وليتك تترك هذا التلاعب خصوصاً وأنت قد وضحت أن لفظة (العلو المطلق) تقصد بها أنت "علو القهر" وهذا ليس محل النزاع أصلاً وأنت تعلم أننا نقصد بالعلو هو علو المولى سبحانه فوق عرشه فوق سبع سمواته والذي جعله الله مغروزاً في طباع الخلق أجمعين، فتراهم عند حلول الكرب، يرفعون للدعاء أيديهم له، والمذاهب في هذه المسألة مشهورة لا تحتاج لكثير لف ولا دوران، قال الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي: ((مقالة السلف وأئمة السنة بل والصحابة والله ورسوله والمؤمنين: أن الله في السماء وأن الله على العرش وأن الله فوق سمواته، وحجتهم على ذلك النصوص والآثار.
ومقاله الجهمية أنه في جميع الأمكنة .. ومقال متأخري المتكلمين أن الله ليس في السماء ولا على العرش ولا على السماوات ولا في الأرض ولا داخل العالم ولا خارج العالم ولا هو بائن عن خلقه ولا متصل بهم)) العلو ج2/ 970 باختصار
¥