وقال بعد نقله كلام القرطبي: ((والله فوق عرشه كما اجمع عليه الصدر الأول ونقله عنهم الأئمة وقالوا ذلك رادين على الجهمية القائلين بأنه في كل مكان محتجين بقوله ((وهو معكم)) فهذان القولان هما اللذان كانا في زمن التابعين وتابعيهم ... فاما القول الثالث المتولد بآخرة بأنه تعالى ليس في الأمكنة ولا خارجاً عنها، ولا فوق العرش، ولا هو بمتصل ولا بمنفصل عنهم، ولا ذاته المقدسة متميزة ولا بائنة عن مخلوقاته، ولا في الجهات ولا خارجاً عن الجهات ولا ولا فهذا شيء لا يعقل ولا يفهم مع ما فيه من مخالفة الآيات والأخبار)) ج2/ 1378
وقد كانت ردود السلف على هؤلاء الجهمية القائلين بأن الله في كل مكان قاصمة لظهورهم مبيناً عقيدتهم التي يدينون بها ومنها:
قال ابن أبي حاتم (الإمام الحافظ) نا زكريا بن داود بن بكر (ثقة) سمعت أبا قدامه السرخسي (ثقة) سمعت أبا معاذ البلخي الفقيه يقول: ((كان جهم معبر ترمذ ... فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء)) فقال أبو معاذ: ((كذ ب عدو الله بل الله على العرش)) وفي رواية ((إن الله في السماء على عرشه كما وصف نفسه))
وروي من طريق ابن خزيمه قال سمعت أبا قدامة وسنده صحيح إلى أبي معاذ الفقيه
وأخرج أحمد في مسنده (6/ 457) وعبد الله بن أحمد في السنة (1/ 117 - 118) والخلال في السنة (5/ 91 و 5/ 127) وابن أبي حاتم في الرد على الجهمية (العلو2/ 970) والأثرم كما رواه عنه ابن قدامة في العلو (ص118) وغيرهم
عن الإمام الحافظ حماد بن زيد أحد تابعي التابعين أنه قال: ((إنما يدورون على أن يقولوا ليس في السماء إله –يعني الجهمية-)) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، والأثر صحيح ثابت.
وقد روي عن شيخه التابعي أيوب السختياني وذكر المعتزلة فقال: ((إنما مدار القوم على أن يقولوا ليس في السماء شيء)) رواه الذهبي في السير (6/ 24) والعلو (ص914) وقال: ((هذا إسناد كالشمس وضوحاً وكالأسطوانة ثبوتاً عن سيد أهل البصرة وعالمهم))
وروى ابن أبي حاتم بسند حسن عن جرير بن عبد الحميد الإمام الحافظ المتوفى سنة 188هـ قال: كلام الجهمية أوله عسل وآخر سم وإنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله. العلو برقم 360 والأربعين ص94 والدرء (6/ 265)
وقال عباد بن العوام -توفى على الراجح سنة 185 - قال: كلمت بشراً المريسي وأصحابه فرأيت آخر كلامهم ينتهي إلى أن يقولوا ليس في السماء شيء. رواه الخلال في السنة (4/ 113 ح1753 و1756) وقبله عبد الله في السنة (1/ 126 ح65، 1/ 170 ح199) وقال محقق العلو: إسناده حسن.
قال الإمام الحافظ الكبير عبد الرحمن بن مهدي-ت سنة 198 - : ((إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى وأن يكون على العرش، أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت اعناقهم)) رواه أبو داود في مسائله ص262 وعبد الله في السنة 1/ 119 وعنه النجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق ح1 ص31 واللالكائي 2/ 316 وغيرهم. وصححه الذهبي.
وقال محمد بن مصعب شيخ بغداد: ((من زعم أنك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك أشهد أنك فوق العرش فوق سبع سموات ليس كما تقول أعداء الله الزنادقة)). أخرجه عبد الله في السنة (1/ 173) وعنه النجاد ح110 والدارقطني في الصفات ح64 وعنه الخطيب في التاريخ 3/ 280 وغيرهم.
وقال الإمام البخاري في خلق أفعال العباد (برقم6): قال وهب بن جرير-الحافظ الإمام الثقة-: الجهمية الزنادقة إنما يريدون أنه ليس على العرش استوى وأسنده الأثرم بلفظ: ((إنما يريد الجهمية أنه ليس في السماء شيء))
وقال سعيد بن عامر إمام أهل البصرة علماً وديناً -من طبقة شيوخ الشافعي وأحمد وإسحاق-: الجهمية شر قولاً من اليهود والنصارى قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى على العرش وقالوا هم ليس على العرش شيء!!! أورده البخاري في خلق أفعال العباد رقم 18 وغيره.
¥