قال الذهبي: "حدث عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق بقول ابن عباس: ((ما بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور، وهو فوق ذلك)) ثم قال عبد الوهاب: "من زعم أن الله ههنا فهو جهمي خبيث، إن الله فوق العرش وعلمه محيط بالدنيا والآخرة".
قال الذهبي: كان عبد الوهاب ثقة حافظاً، كبير القدر، حدث عنه أبو داود والنسائي والترمذي، قيل للإمام أحمد "من نسأل بعدك" قال: سلوا عبد الوهاب وأثنى عليه، توفى سنة خمسين ومائتين.
قال غال ناف بلسان الحال: "ما لهذا المحدث ذنب ولا لأمثاله، غرهم قول شيوخهم واغتر شيوخه بما صرح به التابعون في هذه المسالة، وأولئك غرهم قول ابن عباس، وابن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص"
قلت: نعم يا جاهل! فاطرد مقالتك الشنعاء وقل الصحابة غرهم قول الصادق المصدوق "اعتقها فإنها مؤمنه" وقوله" ينزل ربنا كل ليلة على السماء الدنيا" فالنبي صلوات الله عليه وسلامه أصل ذلك وألقاه إلى أمته، وبناه على ما أوحي إليه من قول أصدق القائلين: ((الرحمن على العرش استوى)) ((يخافون ربهم من فوقهم)) إلى غير ذلك من الآيات وإلى ما علمه جبريل وما جاء به عن رب العالمين من السنة وما جاء به المرسلون إلى أممهم من إثبات نعوت الرب سبحانه وتعالى فالحمد لله على الإسلام والسنة"انتهى
والآثار كثيرة جداً لا ينفي دلالتها على العلو إلا مكابر متبع للهوى نسال الله السلامة وفيما أوردناه كفاية ومن أراد الاستزادة فعليه بعلو الذهبي واجتماع الجيوش لابن القيم.
والسؤال الموجه لك ولكل طالب حق:لماذا حين ينقل السلف قول جهم ان الله في كل مكان بذاته أو يذكرون المعتزلة وهم بضده، يقول السلف: ((كذب عدو الله بل الله في السماء)) ((بل الله على العرش)) بل ((الله فوق عرشه فوق سبع سموات)) الخ.
لماذا لم يقولوا ((بل الله لا داخل المخلوقات ولا خارجها ولا داخل القاذورات ولا خارجها!!)) -وهو الحق عندهم كما تزعمون- لماذا لم يصرحوا بمعتقدهم وهو في معرض بيان الحق؟
لماذا يا أخي؟
وأنا أنتظر منك الإجابة بصدق.
وعوداً على مسألتنا فنحن نزعم أن الكلابية ومتقدمي أصحاب الأشعري ما كانوا يقولون بالقول الثالث ولا بقول الجهم بل يقولون بالأول على الرغم من موافقتهم للمعتزلة في بعض أصولهم العقلية الفاسدة كمسألة قيام الأفعال الاختيارية وغيرها وأنت تزعم خلاف هذا:
قال المعارض: "وأما استدلالك بالعلو فسبق التوضيح أن الكل لم يثبت علو لذات وأتحداك أن تثبت عن متقدمي الأشاعرة أنهم قالوا بعلو الذات؟ ... إطلاقهم العلو يرجع معناه إلى علو المنزلة والقهر"
ولا شك أن هذا التحدي مجازفة من صاحبه ويدل على شيء من التسرع وعدم التثبت ولو كان يقرأ ما يكتب في هذا الموضوع لما جازف هكذا
وابن كلاب-شيخ الأشعرية القديم- له كلام جميل في إثبات العلو أثبته هنا
قال ابن فورك في كتابه "مقالات الشيخ الإمام أبي محمد عبد الله بن سعيد": ((وقال-يعني ابن كلاب-في كتاب الصفات في بيان القول في الاستواء: ((فرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صفوة الله من خلقه، وخيرته من بريته، وأعلمهم جميعا به، يجيز السؤال بأين، ويقوله، ويستصوب قول القائل: انه في السماء، ويشهد له بالإيمان عند ذلك، وجهم بن صفوان وأصحابه لا يجيزون الأين زعموا، ويحيلون القول به، ولو كان خطأ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحق بالإنكار له، وكان ينبغي أن يقول لها: لا تقولى ذلك فتوهمين أن الله عز وجل محدود، وأنه في مكان دون مكان، ولكن قولى إنه في كل مكان لأنه الصواب دون ما قلت!! [أقول: أو يقول بل قولي بان الله ليس بداخل ولا خارج العالم إلخ وحاشاه من الكذب]، كلا لقد أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع علمه بما فيه وانه أصوب الأقاويل، والأمر الذى يجب الإيمان لقائله، ومن أجله شهد لها بالإيمان حين قالته، فكيف يكون الحق في خلاف ذلك، والكتاب ناطق به وشاهد له؟!؟.
¥