تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل صار الولاء والبراء محرجاً؟ (د. عبد العزيز آل عبد اللطيف)

ـ[نياف]ــــــــ[21 - 12 - 06, 01:29 م]ـ

هل صار الولاء والبراء محرجاً؟

لا يزال التغيير "المُرتجل" في مناهِج المواد الشَّرعيَّة بالتَّعليم العام محَل استنكَار النَّاصحين وأهل الإختصَاص , ولنْ أتحدَّث في هذه المَقالة عن هذه الإرتجاليَّة المكشوفة في هذا التَّبديل و"الكِتمان" ومُصادمتِها لمشروعات قائِمة لتطوير المَناهِج في وزارة التَّربية والتَّعليم، كما لن أتحدَّث عن الهدْر المالي الواقع بسبب هذا التصرف، فقد استنزفت ملايين الريالات في كُتب قد طُبِعت ووصلت مستودعات إدارات التعليم، ولن أتحدَّث عما يُورثه هذا الحذف من تأكيد وترسيخ نظرة الغرب – وأذنابهم – أن المناهج السابقة تصنع "الإرهاب" و"التَّفجير"! سيكون حديثي في هذه المقالة عن موضوع الولاء والبراء، وهل صار أمراً محرجاً يُستحيى من تعليمه وتدريسه فضلاً عن تطبيقه وتحقيقه؟

لقد بُلينا – في هذه الأيام – بأقوام يتوارون خجلاً من إيراده وتقريره، وربما تأوّلوا بانهزامية ظاهرة وتأويلات مستكره.

إنَّ الحب والبغض أمر فطري لا انفكاك عنه، فكل إنسان سواءً كان برّاً أو فاجراً مؤمناً أو كافراً لديه هذه الغريزة الفطرية والنزعة البشرية من مشاعر الحب والبغض، وهذا أمر معلوم مشاهد، فالكافر يحب ويبغض، كما أن المؤمن يحب ويبغض، لكن الكافر يحب كل ما يهواه فقد يحب الكفر والفجور والاستبداد والخمر والظلم، وأما أهل الإيمان فهم يحبون ما يحبه الله تعالى من الإيمان والتوحيد والعدل والعفاف، كما يبغضون كل ما يبغضه الله _تعالى_ من شرك وظلم وفواحش.

فهؤلاء الذين يتباكون على مشاعر الكراهية والعداء، ويطالبون بإزالتها واستئصالها، حقاً إنهم لا يخالفون الثوابت الشرعية فحسب، بل يصادمون الفطرة الإنسانية ويخالفون الطبيعة البشرية.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "أصل كل فعل وحركة في العالم من الحب والإرادة، كما أن البغض والكراهة أصل كل ترك" (جامع الرسائل، قاعدة في المحبة 2/ 193).

ويقول في موضع آخر: "إذا كانت المحبة والإرادة أصل كل عمل وحركة .. عُلِم أنَّ المحبَّة والإرادة أصل كل دين، سواء كان ديناً صالحاً أو ديناً فاسداً". (المرجع السابق 2/ 217، 218).

إنَّ الحبَّ في الله والبغض في الله ولوازمهما من الولاء والبراء ليس إيماناً فحسب، بل هو أوثق عُرى الإيمان كما ثبت في الحديث عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، وعقيدة الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين من الفرائض الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة، كما أن الولاء والبراء من أعظم الضمانات وأقوى الحصون في حفظ الناشئة من الإنحدار في مهاوي التغريب ومفاسد الانفتاح الإعلامي والعالمي.

ألا فليتق الله _تعالى_ أرباب تبديل المناهج والعامدين إلى إقصاء شعرة الولاء والبراء، وليتذكّروا أنهم موقفون بين يدي الله _تعالى_ وسائلهم عما صنعوه.

ويُقال لأرباب اللجان "المبدِّلة": أبلغ بكم العجز وقصور العلم ألا تجدوا طريقة ملائمة في تدريس الولاء والبراء وتقريبه للناشئة؟

أو تظنون أن الولاء والبراء لا ينفك عن الإرهاب والتفجير؟ - فذلك ظن السوء – فإما أن يحذف الموضوع كله، أو يبقى الولاء والبراء بما لا انفكاك عنه كما توهمتم .. !

قد كان يسوغ لكم أن تختاروا أمراً ثالثاً به يزول المحذور المتوقع والإشكال المتوهم، وهي أشبه ما تكون بضوابط وتنبيهات في هذا الموضوع، وقد أشار فضيلة الشيخ صالح الفوزان إلى المداراة مثلاً.

ويمكن أن يلحق بتلك الضوابط الفرق بين عداوة الكافرين وبين البر والإقساط، وأن عداوتهم لا تنافي العدل والبرّ معهم، كما حرّره القرافي في الفروق.

كما أن من الضوابط المهمة: التفريق بين حال القوة لأهل الإسلام، وبين حال ضعفهم ففي القوة لهم أن يبادروا بالجهاد لأعداء الله _تعالى_، وفي حال الضعف لهم أن يأخذوا بآيات الصبر والصفح والعفو كما قرره ابن تيمية في (الصارم المسلول2/ 413). وكما يُنهى عن التشبه بهم ويغلّظ على من فعل ذلك، لكن قد يجوز ذلك في حال غلبة وقوع الضرر منهم كما وضحه ابن تيمية في (الإقتضاء).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير