فهكذا علوم أهل الباطل وأعمالهم، إذا حشر الناس، واشتد بهم العطش، بدت لهم كالسراب، فيحسبونه ماء فإذا أتوه وجدوا الله عنده فأخذتهم زبانية العذاب، فعتلوهم إلى نار الجحيم، فسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم، وذلك الماء الذي سقوه هو تلك العلوم التي لا تنفع والأعمال التي كانت لغير الله تعالى صيّرها الله تعالى حميماً سقاهم إياه
كما أن طعامهم من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، وهو تلك العلوم والأعمال الباطلة التي كانت في الدنيا كذلك لا يسمن ولا يغني من جوع وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} وهم الذين عنى بقوله {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} وهم الذين عنى بقوله تعالى {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار}
القسم الثاني: أصحاب الظلمات:
..........................................
والقسم الثاني من هذا الصنف أصحاب الظلمات وهم المنغمسون في الجهل بحيث قد أحاط بهم من كل وجه فهم بمنزلة الأنعام بل هم أضل سبيلا فهؤلاء أعمالهم التي عملوها على غير بصيرة بل بمجرد التقليد واتباع الآباء من غير نور من الله تعالى كظلمات جمع ظلمة وهي ظلمة الجهل وظلمة الكفر وظلمة الظلم واتباع الهوى وظلمة الشك والريب وظلمة الاعراض عن الحق الذي بعث الله تعالى به رسله صلوات الله وسلامه عليهم والنور الذي أنزله معهم ليخرجوا به الناس من الظلمات إلى النور فإن المعرض عما بعث الله تعالى به محمدا من الهدى ودين الحق يتقلب في خمس ظلمات: قوله ظلمة وعمله ظلمة ومدخله ظلمة ومخرجه ظلمة ومصيره إلى الظلمة، وقلبه مظلم ووجهه مظلم وكلامه مظلم وحاله مظلم وإذا قابلت بصيرته الخفاشية ما بعث الله به محمدا من النور جد في الهرب منه وكاد نوره يخطف بصره فهرب إلى ظلمات الآراء التي هي به أنسب وأولى كما قيل
خفافيش أعشاها النهار بضوئه ووافقها قطع من الليل مظلم
فإذا جاء إلى زبالة الأفكار ونخالة الأذهان جال ومال وأبدى وأعاد وقعقع وفرقع فإذا طلع نور الوحي وشمس الرسالة انحجر في حجرة الحشرات""اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية"
بيان السبب الباعث على الكتابة:
...........................................
اتصل بي المسود من الاسكندرية بعد صلاة عشاء يوم الأربعاء 16/ 1/1427هـ 15/ 2/ 2006م وأخبر أن له وريقات في الصفات قدم له الشيخ أبو بكر جابر الجزائري-وفقه الله تعالى- وأخذ يبالغ في الثناء عليه مبالغة وما ذاك إلا لم في ذلك من الثناء على نفسه تضميناً، وأنبأ أن وريقاته تلك على عجرها وبجرها تدرس في جامعات عدة، وما ذاك عندي إلا ترويجاً منه لبضاعته الفاسدة الكاسدة في سوق الغافلين والجاهلين.
وإلا فالجماهير الراشدة فضلاً عن الشيخ الجزائري نفسه، تردّ منهجه الأهوج الأعرج!!
ثم تعاظم المسود في نفسه وزعم أنه أرسلها إلى الشيخ الفوزان – حفظه الله تعالى- فلم يرّد عليه، فقام المسود فساق أذياله فانساقت له، وتتابعت رسائلهم واستفساراتهم بل واستفزازاتهم وألحّوا في الاستجواب، مما اضطر الشيخ معه إلى إغلاق موقعه- هذا زعمهم- فظن المتعالم أنه بذا أحرز نصراً، ثم انقلب بأذياله بل همجه إلى دعاة مصرنا، وذكر أسماءا معروفة كلهم - كما زعم- ولوا الأدبار فرارا، وجاء دوري فكان اتصاله، هذا مفاد قوله. وما علم المسيكين أن من أعرض منهم أعرض إما انشغالاً وإما استصغارا!!
الحاصل: قوله السابق أثار اشمئزازي واستنفر غضبي (2) فنهرته، ثم قمت بسؤاله، وهذا السؤال كان في أصل هرائه وهو تعريف التأويل وأقسامه (3) وأقسم أنه عجز! عن بيانه، في الوقت الذي بنى هراءه كله عليه وجهّل لجهله السلف! وأنهيت حديثي بوعد بالردّ- مع المشيئة- ووعد هو للرجوع إلى الحق متى تبين له، ولا إخاله (4) هذا .. والله تعالى الهادي، وهو سبحانه الموفق إلى مرضاته.
¥