تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكم كل سبب يصرف عن معاصيه: وأراكم سبيل الرشد فتركتموه , وسبيل الغي فسلكتموه. وإذا أردت زيادة إيضاح لهذا المقام: فإنه من المعلوم لكل أحد: أن كل فعل يفعله العبد , وكل كلام يتكلم به - فلا بد فيه من أمرين: قدرة منه على ذلك الفعل والقول: وإرادة منه. فمتى اجتمعا: وجدت منه الأقوال والأفعال. والله تعالى هو الذي خلق قدرة العبد , وإرادة العبد: وخالق السبب التام , خالق للمسبب. فالله تعالى خالق أفعال العباد , والعباد هم الفاعلون لها حقيقة. فهذا الإيراد الذي أورده هذا المشكك , وما أشبهه -: من الإيرادات التي يحتج بها أهل المعاصي , بالقدر - يجيبونهم بهذا الجواب , المفحم , فيقولون: دلت أدلة الكتاب والسنة الكثيرة: على أن الله خالق كل شيء وعلى كل شيء قدير وأن كل شيء بقضاء وقدر: الأعيان , والأوصاف , والأفعال. ودلت - أيضا - أدلة الكتاب والسنة: أن العباد هم الفاعلون لفعلهم حقيقة , بقدرتهم واختيارهم. فإنه تعالى نسب إليهم , وأضاف إليهم كل ما فعلوه: من إيمان وكفر , وطاعة ومعصية. وإنه تعالى مكنهم من هذا , ومن هذا. ولكنه تعالى حبب إلى المؤمنين الإيمان وزينه في قلوبهم , وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان: وولى الآخرين ما تولوا لأنفسهم: حيث اختاروا الشر على الخيرة وأسباب العقاب على أسباب الثواب. وهذا - كما أنه معلوم بالضرورة من الشرع - فهو معلوم بالحس الذي لا يمكن أحدا المكابرة فيه: فإن العبد يفرق بين أفعاله التي يقسر ويجبر ويقهر عليها , وبين أفعاله التي يختارها ويريدها , ويحب حصولها " ا. هـ الدرة البهية شرح القصيدة التائية (149).

وسئل شيخنا العلامة ابن عثيمين –رحمه الله تعالى – مثل هذا السؤال (هل الإنسان مسير أو مخير؟) فأجاب –رحمه الله تعالى - " على السائل أن يسأل نفسه هل أجبره أحد على أن يسألهذا السؤال وهل هو يختار نوع السيارة التي يقتنيها؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلةوسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير ثم يسأل نفسه هل يصيبه الحادث باختياره؟ هل يصيبه المرض باختياره؟ هل يموت باختياره؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير.والجواب: أن الأمور التي يفعلها الإنسان العاقل يفعلها باختياره بلا ريب واسمعإلى قول الله تعالى-: (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً) (النبأ:39) - وإلى قوله تعالى (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) (آل عمران:152) وإلى قوله تعالى (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (الإسراء:19) وإلى قوله تعالى (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (البقرة:196) حيث خير الفادي فيما يفدي به. ولكن العبد إذا أراد شيئاً وفعله علمنا أن الله -تعالى -قد أراده -لقوله -تعالى-: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير:29) فلكمال ربوبيته لا يقع شيء في السموات والأرض إلا بمشيئتهتعالى، وأما الأمور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره كالمرض والموتوالحوادث فهي بمحض القدر وليس للعبد اختيار فيها ولا إرادة. والله الموفق." ا. هـ

وقال –رحمه الله تعالى – " هل الإنسان مسير أو مخير؟ وهل له إرادة أو ليس له إرادة؟ فنقول: الإنسان مخير إن شاء آمن وإن شاء كفر بمعنى أن له الاختيار وإن كان ليس سواءً لا يستوي الكفر والإيمان لكن له اختيار أن يختار الإيمان أو أن يختار الكفر وهذا أمرٌ مشاهدٌ معلوم فليس أحدٌ أجبر الكافر على أن يكفر وليس أحدٌ أجبر المؤمن على أن يؤمن بل الكافر كفر باختياره والمؤمن آمن باختياره كما أن الإنسان يخرج من بيته باختياره ويرجع إليه باختياره وكما أن الإنسان يدخل المدرسة الفلانية باختياره ويدخل الجامعة الفلانية باختياره وكما أن الإنسان يسافر باختياره إلى مكة أو إلى المدينة أو ما أشبه ذلك وهذا أمرٌ لا إشكال فيه ولا جدال فيه ولا يمكن أن يجادل فيه إلا مكابر، نعم هناك أشياء لا يمكن أن تكون باختيار الإنسان كحوادث تحدث للإنسان من انقلاب سيارة أو صدم أو سقوط بيتٍ عليه أو احتراق أو ما أشبه هذا، هذا لا شك أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير