[كِتَابُ اللهِ وَمَكَانَتُهُ العَظِيمَة] لِسَمَاحَة المُفْتِيّ آل الشَّيْخ
ـ[سلمان بن عبدالقادر أبو زيد]ــــــــ[15 - 01 - 07, 06:48 م]ـ
[كِتَابُ اللهِ وَمَكَانَتُهُ العَظِيمَة]
لِسَمَاحَة المُفْتِيّ العَلاَّمَةِ عَبْدِ العَزِيزِ آل الشَّيْخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
- حفظه الله ورعاه -
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا، ماكثين فيه أبدا، وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا، والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث بالهدى والرحمة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن سار على دربه واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن الله سبحانه قد من على خلقه وخاصة المؤمن منهم بأن بعث فيهم رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- وأنزل معه أفضل كتبه وخاتمها والمهيمن عليها يقول الله -عز وجل-: ? لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ? [سورة آل عمران الآية 164].
وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار المجاشعي -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم في خطبته: ((ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان. . .)) الحديث. هذا الكتاب هو المهيمن على الكتب السابقة كلها، يقول الله: ? وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ? [سورة المائدة الآية 48]، والمعنى أنه عال ومرتفع على ما تقدمه من الكتب، هو أمين عليها وحاكم وشاهد وقيم عليها، يقول ابن جرير رحمه الله: (القرآن أمين على الكتب المتقدمة قبله فما وافقه منها فهو حق وما خالفه منها فهو باطل). ا هـ.
وكتاب الله له المكانة العظيمة في قلب كل مسلم، وهو أيضا عظيم في نفسه كريم مجيد عزيز، ونحن في فاتحة هذا العدد المبارك من مجلة البحوث الإسلامية، نحب أن نعرض لهذا الموضوع بإشارات وتنبيهات لعل الله أن ينفعنا بها وينفع بها إخواننا من قراء المجلة أو من بلغه هذا الكلام إنه سميع مجيب.
فأقول مستعينا بالله:
القرآن مصدر قرأ قرآنا ومنه قوله تعالى: ? إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ? [سورة القيامة: 17 - 19]، والكلام المقروء نفسه يسمى قرآنا كما في قوله تعالى: ? فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ? [سورة النحل الآية 98]، والقرآن كلام الله حقيقة، لفظه ومعناه من الله، أنزله على عبده محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- وحيا، فهو منزل غير مخلوق، يقول الله: ? تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ? [سورة الزمر الآية 1]، ويقول سبحانه: ? قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ ? [سورة النحل الآية 102]، ويقول: ? حم *تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ? [سورة غافر: 1 - 2]، ويقول: ? تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ? [سورة فصلت الآية 2]، ويقول: ? وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ? [سورة الإسراء الآية 106]، والآيات في هذا المعنى كثيرة وعلى هذا أجمع سلف الأمة رحمهم الله
¥