تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تدرك عين البصير أن للمخطط الذي نواجهه أهدافاً غير الانتصار لأهل البيت، أو الدفاع عن مظلوميتهم. وأن هناك أهدافاً وحيثيات كثيرة حركت أرباب المذهب في هذه الظروف الصعبة استغلالاً لحالة القلق التي نشأت عن الاحتلال الأمريكي للعراق وانتشار الخوف والتردد بين أبناء الأمة. ومن هذه الأهداف والحيثيات نذكر ما يسعفنا به المقام والجهد:

هناك جمهورية كبيرة في منطقتنا الإسلامية تلح عليها أحلام امبراطورية تاريخية. معززة برؤية مذهبية ناقمة وإمكانات مادية كبيرة. تسعى هذه الجمهورية إلى مد سلطانها وبسط نفوذها عبر مخططين للاستلحاق أو الابتلاع الذي تهدد به اليوم أقطاراً مثل البحرين ولبنان وسورية واليمن. أو بسط النفوذ عن طريق استثمار الوجود البشري، أو زرع الموقوتات في البنية السكانية والدولة الإسلامية بامتلاك (أدوات التثوير) التي ستبقى طيعة دائماً لأوامر المرجعيات في طهران.

هذه الجمهورية الكبرى بأحلامها وأمانيها هي جمهورية براغماتية إلى درجة تتجاوز ما يظن في كيان يرفع شعار الإسلام. فمع الشعارات المترددة كل يوم جمعة (الموت لأمريكا) تتواطئ هذه الجمهورية مع الأمريكان على احتلال أفغانستان ثم احتلال العراق، ثم تهادن هذا الاحتلال في أفغانستان وفي العراق!! حتى الآن لم نسمع من أحمد نجاد ولا من حسن نصرالله أي إدانة لهذا التحالف أو لهذه المهادنة التي تجري هناك. وحين هرع الكثير من المسلمين إلى إعلان التأييد لحسن نصرالله، لم يستنكر أحد منهم بالمقابل على السيستاني والحكيم ما يقومان به ليتوازن التصور أمام عامة المسلمين. رجل كبير المقام في عالم الدعوة إلى الإسلام أعلن أنه مع حسن نصرالله قلباً وقالباً وأعلن أنه مستعد لتزويده بعشرة آلاف مقاتل لا نريد أن ندخل معه لجاجة شرعية في صحة موقفه الاجتهادي هذا ولكن هل سمع منه أحد كلمة واحدة في إدانة موقف السيستاني وأتباعه أو في استنكار ما يجري في العراق. هل أخبره أحد أنه بالمقام الذي يحتله كان فتنة على الكثير من عامة المسلمين.

اعتدنا أن نسمع الكثير عن تهديدات المشروع الأمريكي والمشروع الصهيوني الإسرائيلي واستغلالاً لردة الفعل التلقائية التي يبديها أي مسلم ضد هذا المشروع يحشر المسلمون مباشرة في خيار أن يكونوا مع من يظن أنه الطرف المقابل أو المقاوم.

بوصفنا المسلمين الذين جعلنا الله الأمة الوسط لا نقبل أن نضيع بين إرادتين إرادة الأمريكيين واليهود وإرادة المبتدعة وأهل الضلال. يجب على أهل العلم من المسلمين أن يقوموا بالتحديد الدقيق للموقف الوسط الذي تفترضه شريعة الإسلام. .

ثم علينا أن نتنبه عند إجراء المقارنة بين الخطرين الداهمين إلى حيثيات أخرى في ثنايا هذه المقارنة. علينا أن نتبين بوضوح الفرق بين الداء (الخفي) والداء (الجلي) أو العلة الظاهرة والعلة الباطنة. فلا أحد من الخاصة أو من العامة من أبناء أمتنا تخفى عليه أبعاد المشروع الأمريكي والصهيوني ومخاطره. ولا يجادل في ذلك إلا من في قلبه مرض من العملاء الذين باعوا أنفسهم لأعداء الأمة، بينما هناك جدل كثير، وهناك غرور كبير، وهناك حالة من الشك تعتور الكثيرين حول خطورة الداء الخفي!! وهذا ما يجب على أهل العلم أن يبينوه للناس ولا يكتموه (من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)

من حيثية أخرى على أهل العلم أن يبينوا الفرق بين المفسدة السياسية أو العسكرية التي تلامس الوجود السطحي للأمة ولا تتغلغل إلى بنيانها الداخلي، وبين المفسدة العقائدية والدينية التي تصبح في كثير من الأحيان لازماً من لوازم الأجيال تنتقل من جيل إلى جيل. والتي تخلف بثوراً في وجه الأمة وتدخل الخلل على العقائد وعلى السلوكيات وتدق المداميك وترشح الأمة المسلمة للتفجر على طريقة ما يحدث في العراق كلما هبت ريح نتنة للفتنة ودعاتها.

كل الوجود الصهيوني يمكن أن يلحق بالوجود الصليبي الذي كانت له صولة وجولة في زمن مضى. ويمكن لبعض الأسباب الاقتصادية الداخلية أن تنهار في الغد الولايات المتحدة كما انهار بالأمس الاتحاد السوفييتي. أما التغير في عقائد الناس ولو بزراعة مستوطنة بتعداد ألف نسمة فإنه يبقى ندباً في البنية العامة لا يمكن تجاوزه أو تجميله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير