[المعجزات النبوية بين الإيمان والجحود للعلامة أبي أويس بوخبزة]
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[28 - 01 - 07, 08:45 م]ـ
?:من مقالات شيخنا أبي أويس محمد بوخبزة:المعجزات النبوية بين الإيمان والجحود
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
النبوة والمعجزة متلازمان يستلزم إنكار أحدهما الآخر , هذه حقيقة تدرك بأدنى تأمل , وعلى هذه الصفة آمن بها المسلمون منذ فجر الإسلام , وعليها درج متقدموهم ومتأخروهم إلا فئة شاذة لا تخلو من مثلها ملة ولا نحلة , كان جزاء إنكارها التشهير والتحذير و التفسيق بعد إقامة الحجة والإعذار والتعجيز.
و المعجزة المادية أمر لابد منه , والفائدة المتوخاة منها عظيمة النفع فإن جماهير المؤمنين في جميع الأديان تكون من سواد الناس ودهمائهم ,وهؤلاء لا يتحاكمون إلى العقل ولا يدركون براهينه ولا يقتنعون بمنطقه, وإنما يذعنون للدليل المحسوس ويؤمنون بخرق العادة , فالمعجزة إعلام من الله تعالى بصدق الرسول فيما يبلغ , بهذا المفهوم سجلها علماء المسلمين وتلقنها الأطفال في الكتاتيب والطلبة في المدارس والعامة والقراء في المساجد , ومن منا لا يتذكر قول المرشد المعين:
إذ معجزاته كقوله , وبر ... صدق هذا العبد في كل خبر
والملاحظ في هذا الصدد للباحث أن المعجزات تداولها اتجاهان متقابلان: الأول: اتجاه سليم صالح نافع , وهو اتجاه المحققين الناقدين المحدثين والإخباريين والفقهاء والأصوليين , ويتجلى في نقد الروايات وفحصها ودرايتها وجمع ألفاظها وطرح الزائف وما لا يقوى على النقد منها , طبق قواعد البحث العلمي ومبادئ النقد التاريخي الذي كان المسلمون السابقين إلى إرسائها وتقعيدها وتطبيقها في نقد الأخبار والآثار والرواة , كما اعترف بذلك العدو قبل الصديق , وترى نتائج مجهوداتهم في كتب الحديث التي يلتزم أصحابها الصحة كالصحيحين وبعض المسانيد , ولا ينتفع في هذه الكتب إلا على ما يطمئن له القلب ويسكن إليه الضمير , ويرتاح له الخاطر.
الثاني: اتجاه المتساهلين المغربين الجامعين لما دب ودرج وقام وقعد, وهو عمل سقيم فاسد ضار , وهو المسؤول عن تعبيد الطريق أمام الدساسين المأجورين , وفتح الفجوة في حصن الإيمان قبالة المتسللين المفسدين , وغير مستغرب من هؤلاء أن يقول قائلهم إن المعجزات بلغ عددها ألفا, فإن منهجهم في البحث , وطريقة تأليفهم كفيلة بإبلاغها عدة آلاف، ما دامت قواعد العلم والبحث ملغاة من حسابهم، والعقل والتفكير محتقرا مطرحا في ميدانهم , ويمثل هذا الاتجاه أمثال: ابن سبع السبتي، وجلال الدين السيوطي , والقسطلاني , والشامي، والحلبي، إلى دَحلان، والنبهاني، وغيرهم، وعلى كتب هؤلاء وأقوالهم اعتمدت شرذمة منكري المعجزات في التشويه والتضليل، تلك الشرذمة التي نبغ قرنها في مطلع هذا القرن من خلال الظلام الذي خيم على العالم الإسلامي ولبد جوه منبعثا من مداخن العقول الكافرة المادية التي واكبت مداخن التقدم والنهضة في أوربا الناقمة على الدين والمغراة بمحاربته مدفوعة بانحراف الكنيسة ورجالها الضالين المضلين, وتضم هذه الشرذمة أسماء لامعة لها وقع كبير ورنين بالغ في تاريخ يقظة العالم الإسلامي الحديث، أمثال:جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، ومحمد فريد وجدي، وطنطاوي جوهري، ومحمد حسين هيكل، إلى محمود شلتوت، ومحمد المدني، وعبد الجليل عيسى، وغيرهم، وقد تواصت هذه الجماعة بالقيام بهذه (المهمة) فلا تقع في كتاباتهم على معجزة نبوية متواترة سواء كانت واردة في القرآن أو صحت بها الأخبار إلا رأيتهم جاهدين في تأويلها تأويلا يكون إنكارها مرة واحدة أهون منه وأخف على العقل المؤمن.
¥