تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدين ورواة الشريعة، والأمناء على الوحي نقلاً وتبليغاً بقولهم وفعلهم، وهم خيرة الله لصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فيهم أزواجه أمهات المؤمنين، وفيهم أنسابه وأصهاره وخاصته، وخلفاؤه ووزراؤه وقادته، وموضع سره ونوّابه، وأي طعن في الرسول -صلى الله عليه وسلم- أعظم من اتهامه بالفشل المطبق في حياته، وفي مجهوده التربوي والدعوي مع خاصة أصحابه وخلاصة رفاقه؟ المسألة الثانية: ما سبق يتعلق بالحكم على المقالة، أو العقيدة، أو المذهب، فإذا كان صاحب المذهب يظهر خلافه، وينكر أن يكون قال بكذا وكذا فهذا يؤخذ بالظاهر، ويوكل باطنه إلى الله –تعالى- شريطة ألا يعاند الواقع أو يكابره، ومن العقائد عند كثير من الشيعة: القول بالتقية مع مخالفيهم حتى من أهل الإسلام، ولذلك قال ابن تيمية: "إن النفاق فيهم أكثر منه في سائر فرق المسلمين وطوائفهم" (انظر: الفتاوى 28\ 479).فإذا قال المنتسب لمذهبهم: إن ادعاء سبّ الصحابة كذب على مذهبنا، فهو مكابر؛ لأن كتبهم مشحونة بمثل هذا، وهي مطبوعة متداولة، وإن كان مثل هذا الكلام قد يروج على غير المطلعين. لكن إذا قال: أنا أبرأ من مثل هذا الكلام ولا أقرّه وإن كان موجوداً في المذهب، فهذا يؤخذ بظاهره. وهكذا إذا قال: أنا أعتقد أن القرآن محفوظ من الزيادة والنقصان قُبِل منه، لكن إن قال: إن دعوى التحريف أو النقص كذب على المذهب ولا يوجد في كتبنا شيء من ذلك، فهذا من التقية المردودة؛ لأن الواقع يكذبها، وهكذا إن قال: أنا أرفض التقية، ولا أقول بها ولو كانت من المذهب، فهذا يُقبل منه قوله، وسريرته إلى الله –تعالى-، حتى لو كان منافقاً في الباطن، فيقول خلاف ما في قلبه، فلنا ظاهره وعلانيته، وسره إلى الله –تعالى-.لكن لو ادعى أن لا تقية في المذهب لم يقبل منه؛ لأنها مغالطة مكشوفة، وعلى فرض أنه يجهل ذلك فإنه يوقف عليه ويبين له. فالخلاصة: أنه ينظر في حال صاحب المذهب، فإن أظهر موافقة الحق ورد الباطل وبرئ منه ولو كان في كتبهم ومذهبهم، فهذا خير - والحمد لله -، وإن أظهر ما يدل على المراوغة والمداورة حكمنا عليه بما يقتضيه حاله، على ما سيأتي ذكره. ولذلك كان العلماء يفرقون بين المقالة وبين صاحبها، فليس الحكم على المقالة حكماً- بالضرورة - على المنسوبين إليها، لوجوه: (الأول) أنه قد يوجد في كتب القوم ومصنفاتهم أقوال مهجورة، أو متناقضة، أو ضعيفة حسب قواعدهم، ومن المعلوم في سائر المذاهب أنه يوجد في المسألة الواحدة أقوال عديدة، كما هو موجود عند الشيعة في مسألة تحريف القرآن. فعندهم قول بالتحريف في كتبهم المعتمدة، ولبعضهم في ذلك مصنف خاص، وهذا كفر لا خلاف فيه، وعندهم قول آخر في كتبهم المعتمدة بنفي التحريف وإبطاله، واعتقاد أن المصحف هو ما بين الدفتين، حتى إن في بعضها تكفير من يقول بالتحريف. وقد يرجح بعضهم هذا القول أو ذاك، فالحكم على الطائفة أو الفرد المعين مبني على معرفة كونهم يقولون بهذا أو لا يقولون. (الثاني) وهو تفريع عن الأول، أننا نعلم أن كثيراً من أصحاب المذاهب - حقاً كانت أو باطلاً - يجهلون مذهبهم، ولا يعرفون تفاصيله، بل ولا جمله وقواعده أحياناً، وأن كثيراً من المنتسبين للمذاهب يتعصبون لها، ويدافعون عنها بالحمية والهوى من غير معرفة بخصوصية المذهب، فالشيعة يستدرون عواطف العوام بمحبة آل البيت، ودعوى رفع الظلم عنهم. والصوفية قد يضربون على وتر محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو محبة الأولياء. والخوارج يحكمون عوامهم من باب تعظيم حرمات الله، وعدم التفريط أو التساهل في الدين، وهكذا على ما عند كل طائفة من هؤلاء من المنكرات الظاهرة في الأعمال، والمخالفات الظاهرة في المعتقدات والأقوال. (الثالث) أن الحكم على الشخص المعين لا يكفي فيه أن يقول أو يفعل ما هو كفر، حتى تتوفر الشروط وتزول الموانع. وفي هذا يقول ابن تيمية في (الفتاوى 12/ 478 - 488):"التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع .. " ثم ذكر الأدلة الشرعية على هذا الأصل .. ثم قال:" .. وأما الحكم على المعين بأنه كافر، أو مشهود له بالنار، فهذا يقف على الدليل المعين، فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه، وانتفاء موانعه". وحكى - رحمه الله - في بعض المواضع الإجماع على هذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير