تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأدخلوا الجنة ولا يبقي إلا دار الطيب المحض ودار الخبث المحض)).

ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:20 م]ـ

وفق الله الجميع لما فيه الخير والصواب ولي بعض الملحوظات على هذا الموضوع:

أولا: عنوان الموضوع:"هداية المحتار إلى إثبات القول بفناء النار " وهو عنوان يوحي بشعور كاتبه وأن الموضوع محير ولا أدلة قاطعة أو راجحة ونص في الموضوع وليس الأمر كذلك فأهل السنة قاطبة على عكس ما ذكره الأخ صاحب الموضوع.

ثانيا: من الجرأة العظيمة تخطئة أهل السنة كافة في مثل هذه المسألة مع استنادهم إلى الكتاب والسنة مع صراحة الأدلة وماذا مع المخالفين؟! أحاديث وآثار ضعيفة، وشبهات من آيات وأحاديث صحيحة فهل يصح هذا عند من ينصح لنفسه ويرجو نجاتها؟!

ثالثا: الخلاف في هذه المسألة ضعيف ويعتبر من الأقوال المهجورة لمصادمته لآيات الكتاب والنصوص المستفيضة من السنة الصحيحة وإجماع العلماء في مسألة أبدية الجنة والردود على توهم فناء النار هي نفسها الردود على توهم فناء الجنة.

رابعا: إثارة الزوابع بأن هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية ثم محاولة التأول له والقول بوجود خلاف هذا كله خطأ وكلام الشيخ الألباني في مقدمة كتاب الصنعاني كلام عليه ملحوظات كثيرة فلم يقل شيخ الإسلام ابن تيمية أبدا بفناء النار ولا يوجد نص واضح يثبت ذلك فهو بريء براءة تامة من هذا القول وما نسبة هذا القول إليه إلا كنسبة أكل الذئب ليوسف عليه السلام وقد صرح في مواضع كثيرة من كتبه بعكس ما ينسبه له من لا علم له بكتب شيخ الإسلام قدس الله روحه ومن المواضع الصريحة في كتبه:

1 - مجموع الفتاوى:

3/ 304،

8/ 304، 380

12/ 45

14/ 348

18/ 307

وغيرها من المواضع.

2 - موافقة صريح المعقول صحيح المنقول:

1/ 157، 227، 305

2/ 72، 123.

3 - درء تعارض العقل والنقل:

2/ 357 - 358

8/ 345

4 - منهاج السنة النبوية:

1/ 36

5 - بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية:

1/ 157

أما القول بفناء النار فلن تجد موضعا واحدا يفيد ذلك فلماذا إذن ينسب إليه هذا القول ويتعلق به من يريد أن يذهب إلى هذا الباطل؟!

أما ابن القيم رحمه الله:

فقد تبين من خلال كتبه أن له ثلاثة مواقف وهي عند التحقيق:

الموقف الأول: ميله الشديد جدا إلى القول بفناء النار – ولعله بسبب ميله هذا وبسبب تعلقه بشيخ الإسلام نسب أهل البدع وبعض من لم يحقق المسألة من أهل السنة هذا القول لشيخ الإسلام-: وهذا الموقف الأول يتبين في كتبه التالية:

1 - حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح: فقد أورد أدلة القائلين بفناء النار إيرادا قويا وأورد أدلة القائلين بعدم الفناء إيرادا فيه ضعف.

2 - شفاء العليل.

3 - الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة وقد أبان في هذا الكتاب عن ميله الشديد لهذا القول.

الموقف الثاني: التوقف في هذه المسألة.

وأشار إلى ما يفيد هذا في الكتب الثلاثة المتقدمة وكذلك في النونية، وقد قال في حادي الأرواح:" فإن قيل فإلي أين انتهت قدمك في هذه المسألة العظيمة الشأن التي هي أكبر من الدنيا بأضعاف مضاعفة قيل إلى قوله تبارك وتعالى {إِنَّ رَبَكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} " اهـ وهذا يدل على أنه أورد الأدلة بقوة ولكنه لم يقل بمقتضاها بل توقف فإنه قال قبل قوله السابق مباشرة:" فهذا نهاية أقدام الفريقين في هذه المسألة ولعلك لا تظفر به في غير هذا الكتاب"اهـ

وهذا فيه إشارة قوية لتوقفه.

الموقف الثالث: القول الجازم بعدم فناء النار.

وذلك من وجهين تلميحا وتصريحا:

1 - تلميحا: في مقدمة زاد المعاد، وفي اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، حيث أورد مقولة السلف بعدم الفناء وسكت عنها.

2 - تصريحا:

1 - في الوابل الصيب من الكلم الطيب حيث قال: ((وأما النار فإنها دار الخبث في الأقوال والأعمال والمآكل والمشارب ودار الخبيثين فالله تعالى يجمع الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه كما يركم الشئ لتراكب بعضه على بعض ثم يجعله في جهنم مع أهله فليس فيها إلا خبيث ولما كان الناس على ثلاث طبقات: طيب لا يشينه خبيث وخبيث لا طيب فيه وآخرون فيهم خبث وطيب دورهم ثلاثة: دار الطيب المحض ودار الخبيث المحض وهاتان الداران لا تفنيان ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى وهي دار العصاة فإنه لا يبقي في جهنم من عصاة الموحدين أحد فإنه إذا عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنة ولا يبقي إلا دار الطيب المحض ودار الخبث المحض)).

2 - كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين فقد قال:" فصل: فى أن الله خلق داريْن وخصَّ كل دار بأهل ... فهاتان الداران هما دارا القرار." اهـ

وهذا القول الثالث لابن القيم هو الذي ينبغي أن ينسب إليه لا القول الشاذ الآخر أو على الأقل من أراد أن ينسب لعالم قولا فليذكر كل أقواله في المسألة لا أن يذكر القول الضعيف المخالف للأدلة ويترك القول الذي يوافق أهل السنة قاطبة.

ثم نصيحتي لكل من يتكلم في هذه المسألة ألا يفرح بكلام عالم يحسن به الظن ويتبنى قوله قبل البحث والتدقيق والرجوع لكتب أئمة السلف لا سيما في مسائل الاعتقاد فهذه مما يهم فيها كثير من المعاصرين وينسبون للسلف أقوالا هم منها بريئون بل وقد ردوا على القائل بها.

ومع هذا كله لا أرى سببا لإثارة مثل هذا الموضوع بهذه الطريقة وهذا العنوان المستفذ وليس تحته شيء من الأدلة إلا ما ذكره الإمام ابن القيم وهي أدلة ضعيفة وما صح منها فعن غير معصوم وكلها مردود عليها بأدلة قوية ولو يسر الله الأمر ذكرت ما استدلوا به وجوابه ولكنني كتبت هذه الكلمات على عجل من أمري الآن لما رأيت من مناقشة دون اتباع ودون تمحيص ونسبة أقوال لعلماء هم منها يريئون والله الموفق لكل خير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير