تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يستدل الشيعة بحديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) على أن عليًّا أحق بالخلافة ممن سبقه فيها، ولا أعرف عنهم أنهم بعدوا في الاستدلال إلى جعل جميع الناس عبيدًا له ولذريته، بل لم يقل مسلم بأن الناس عبيد للنبي - صلى الله عليه وسلم -، بل الإسلام يمنع هذا فمن أين جاء به العطاس يرحمه الله ويصلح باله. وكيف يتفق استنباطه هذا مع ذكره السلطان عبد الحميد بلقب الخلافة، وإذا كان غير الشريف العلوي الفاطمي لا يجوز أن يكون زوجًا للشريفة؛ لأنه عبدها فكيف يكون العبد خليفة على ساداته ومواليه الذين لا يحصى عددهم، والخليفة مولى

لرعيته يجب عليهم طاعته في كل معروف، وأما الزوج فليس مولى لامرأته بهذا المعنى، بل يقول جماهير الفقهاء: (إنه لا تجب عليها طاعته إلا في المكث في البيت والتمكين من الاستمتاع). والحق أن لفظ المولى في الحديث معناه الناصر، كما قال الجوهري في الصحاح، ويطلق في اللغة على الصاحب، والقريب،والجار، والحليف والنزيل والشريك، والعبد، والمعتق، فكيف يسمح لنا الدين أن نتخطى هذه المعاني ونقول: إن الحديث نص في أن الناس عبيد لذرية علي؟ هل كان أبو بكر وعمر والعباس وغيرهم من الصحابة وسائر المسلمين عبيدًا لعلي في

حياته، وهل ملك أولاده من بعده الناس بالإرث أم نص الحديث دال على أنهم يملكونهم بالاستقلال في كل زمان؟ ظاهر قول العطاس الثاني، وكل مسلم يبرأ إلى الله من الأول والثاني.

كان الشرفاء ومازالوا يزوجون بناتهم من غيرهم، وجميع العلماء يستحلون هذا مع التراضي، وسائر الناس تبع لهم؛ فهل يقول العطاس: إن جميع من استحل ذلك كافر حتى المزوجون والمتزوجات بالرضا والاختيار، فيكفر الشرفاء

مبالغة في تعظيمهم؟. ليس هذا المنزع الذي رأيت بأغرب من منزعه الآخر في جعل النسبة إلى الحسن والحسين في معنى نبوة النبي - عليه الصلاة والسلام - من حيث إن شرفها ذاتي غير مدرك، وأنها من اختيار الله تعالى، وأنها منبع لكل نعت محمود وأن أكابر الأولياء لو جاهدوا أبد الآباد لا يلحقون لشريف أثرًا؛ لأن الله تعالى بالغ في كمال تطهير آل البيت إذ قال:] وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [(الأحزاب: 33) لا بعمل عملوه، ولا بصالح قدموه، بل سابق عناية من الله لهم، ثم قال: ولهذا السر قال الله:] قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى [(الشورى: 23).

فانظروا أيها المنصفون كيف يلعب بكتاب الله ويحرف كلامه عن معناه، بدعوى الاهتداء بهديه، والعمل بأمره ونهيه، وإنما هو اتباع الهوى، شرد بالغالين عن معهد الهدى، وأحمد الله تعالى أن جعلني شريفًا غير مفتون، وجنبني وقومي مزالّ الغرور، فأما قوله تعالى:] إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ

البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [(الأحزاب: 33) فقد ورد تعقيبًا لآيات في خطاب نساء النبي - عليه الصلاة والسلام - يأمرهن الله تعالى بها وينهاهن، ويعلمهن بأن جزاءهن على الخير والشر مضاعف؛ لأنهن لسن كسائر النساء، وهذا ظاهر معقول المعنى؛ فإن بيت المرشد الكامل قدوة في الهدى والرشاد، ولو ظهر العمل السيئ

من ذلك البيت الذي جعله الله منبعًا للهدى ومشرقًا للوحي لكان أعظم منفر عن الاهتداء والإيمان، فقوله تعالى بعد تلك الأحكام (إنما يريد الله) ... إلخ تعليل، وبيان للحكمة في كون نساء النبي لسن كسائر النساء وكونهن جديرات بمضاعفة العذاب على المعصية والثواب على الطاعة لمكان القدوة كقوله تعالى بعد ذكر أحكام الصيام وما فيها من الرخص] يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ [(البقرة:185) وإنما قال (عنكم) لأن النبي صلى الله عليه وسلم في البيت وهو المقصود بالتطهير أولاً وبالذات؛ لأن كمال نسائه ينسب إلى هدايته صلى الله عليه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير