ويقول سبحانه: - {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح، آية 29].
ويقول عز وجل: - {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {8} وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر، آية 8 , 9] وقال صلى الله عليه وسلم: - " لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحداً أنفق مثل
صـ406
أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه (1) "
وقد قرر علماء أهل السنة في مؤلفاتهم – اتباعاً لما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم - الواجب نحو الصحابة رضي الله عنهم وإليك أمثلة من تقريراتهم على النحو التالي:-
فذكر الحميدي رحمه الله تعالى أن من السنة: - " الترحم على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم فإن الله عز وجل قال: - {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر، آية 10]، فلم نؤمر إلا بالاستغفار لهم، فمن سبهم أو تنقضهم، أو أحداً منهم فليس على السنة، وليس له في الفيء حق، أخبرنا بذلك غير واحد عن مالك بن أنس. (1) "
وقال الطحاوي في عقيدته المشهورة: - " ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بالخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان. (2) "
ويقول ابن بطة – في هذه المسألة: - " ويشهد لجميع المهاجرين والأنصار بالجنة والرضوان والتوبة والرحمة من الله، ويستقر علمك وتوقن بقلبك أن رجلاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم وشاهده وآمن به واتبعه ولو ساعة من نهار أفضل ممن لم يره، ولم يشاهده ولو أتى بأعمال الجنة أجمعين، ثم الترحم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرهم وكبيرهم، وأولهم وآخرهم، وذكر محاسنهم ونشر فضائلهم، والاقتداء بهديهم، والاقتفاء لآثارهم. (3) "
صـ407
ويذكرهم ابن بطة المسلك الصحيح تجاه النزاع بين الصحابة، فيقول: -
" ونكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد شهدوا المشاهد معه وسبقوا الناس بالفضل، فقد غفر الله لهم، وأمرك بالإستغفار لهم والتقرب إليه بمحبتهم، وفرض ذلك على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
ولا تنظر في كتاب صفين والجمل، ووقعه الدار وسائر المنازعات التي جرت بينهم، ولا تكتبه لنفسك، ولا لغيرك، ولا تروه عن أحد، ولا تقرأ على غيرك، ولا تسمعه ممن يرويه، فعلى ذلك اتفاق سادات علماء هذه الأمة من النهي عما وصفناه. (4) "
ويقول أبو نعيم (5): " فالواجب على المسلمين في أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم إظهار ما مدحهم الله تعالى به وشكرهم عليه من جميل أفعالهم، وجميل سوابقهم، وأن يغضوا عما كان منهم في حال الغضب والإغفال وفرط منهم عند استزلال الشيطان إياهم.
¥